للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا الحديث حديث صحيح لا غبار عليه، نقل ابن عبد البر إجماع أهل العلم بالحديث على صحته وهو دليلٌ واضح على تحريم كل ما يُسكر سواء كان من العنب أم من غيره، فيدخل فيه أنواع الخمور المختلفة التي كانت في الماضي والحديثة اليوم ومن ذلك الحشيش والمخدرات ونحوها.

قال المؤلف: (وكلُّ مُفَتِّرٍ حَرامٌ)

المفتِّر: الذي إذا شُرِب أحمى الجسد وصار فيه فتور أي ضعف وانكسارفي الجسد.

كالقات الذي يأكله أهل اليمن اليوم هو مفتِّر، كذلك الدخان أيضاً مفتِّر فتجد المدخن عندما ينقطع عن التدخين مدة ثم يدخن يحصل له الفتور هذا في جسده بوضوح.

ودليل ما ذكره المؤلف قول أم سلمة رضي الله عنها: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكِرٍ ومفتِّر. أخرجه أبو داود (١) ولكنه حديث ضعيف في سنده شهر بن حوشب لا يحتج به.

والقات والدخان محرَّمان لضررهما، وكذلك القات يعتبر مسكر على الصحيح.

قال المؤلف: (وما أسكَرَ كثيرُهُ فقليلُهُ حرامٌ)

هذا واضح، ما ثبت أن الكثير منه يسكر، يعني إذا شرب الشخص مثلاً زجاجة أو زجاجتين أو أكثر من شراب سَكر، أما إذا شرب منه الكأس والكأسين لا يسكر، هذا يكون حراماً، حتى الكأس والكأسين والشيء القليل منه حرام - مع أن القليل منه لا يسكر- بما أن كثيره مسكر فقليله حرام، بما أنه ثبت أنه مسكر فكله محرَّم سواء كان قليلاً أم كثيراً.

وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (٢) أخرجه أبو داود من حديث جابر - رضي الله عنه - وهو صحيح.

قال رحمه الله: (ويَجوزُ الانتباذُ في جَميعِ الآنيةِ)

الانتباذ: اتخاذ النبيذ، صنع النبيذ.

والنبيذ ما يُعمَل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك.

ينقعون التمر أو غيره مما ذكرنا في ماء، يُترك فيه حتى يحلو الماء ويتغير بطعم الشيء الذي نُقع فيه، فيحلو ويصير كالعصير، يسمى نبيذاً يفعلونه من التمر مثلاً يأتون بحبات من التمر ويضعونها في كأس ماء بعد يوم تقريباً تجد هذا الماء قد تحول إلى ماء بطعم التمر، فيه حلاوة التمر وطعم التمر، هذا يسمى عندهم نبيذاً.

بعض الأنواع مما ذكر تتخمر إذا تُركت مدة طويلة تتحول إلى خمر.

وفي بعض الأواني يكون تحوله إلى خمرأسرع.

فقال المؤلف: ويجوز الانتباذ في جميع الآنية:


(١) أخرجه أحمد (٢٦٦٣٤)، وأبو داود (٣٦٨٦).
(٢) أخرجه أحمد (١٤٧٠٣)، وأبو داود (٣٦٨١)، والترمذي (١٨٦٥)، وابن ماجه (٣٣٩٣).

<<  <   >  >>