للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آنيتهم مختلفة، عندهم أنواع من الآنية، آنية تُصنع من الخشب، آنية تُصنع من القرع، آنية تُصنع من الجلد، أنواع كانت عندهم، فيقول المؤلف: يجوز الانتباذ في جميع الآنية، صُنعت من أي شيء، وسبب ما قاله المؤلف رحمه الله هنا أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن الانتباذ في أنواع من الآنية، فقد ورد أنه نهى عن الانتباذ في الدُّبّاء والنقير والمزفَّت والحَنْتَم، الحديث في الصحيحين حديث ابن عباس رضي الله عنهما (١)، ولكنه منسوخ كما سيأتي إن شاء الله.

الدُبّاء: اليقطين هو قرع، هذا القرع منه ما هو كبير، الحبة عندما تجوفها تفرغها وتيبس تصير كالإناء.

والنقير: أصل شجرة النخل، تُنقر وتجوف فتصير كالوعاء.

والمزفَّت: ما طُلي بالزفت.

والحَنتم: جِرار مدهونة بالخُضرة، لونها أخضر من الداخل.

نهي عن الانتباذ في هذه الآنية عند تحريم الخمر، هذه الأنواع خاصة قالوا: الانتباذ بها يسرع تحويل النبيذ إلى خمر، لذلك نهي عنها في البداية لم يستقر أمر تحريم الخمر في نفوس الناس بعد، فلما استقر ذلك قال صلى الله عليه وسلم في حديثٍ آخر: «كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأَدَم -أي الجلد- فاشربوا في كل وعاء غير ألا تشربوا مسكراً» (٢) أخرجه مسلم في صحيحه.

فهذا الحديث ناسخٌ لتلك الأحاديث التي فيها النهي عن الانتباذ في بعض الأواني. والله أعلم

قال المؤلف رحمه الله): ولا يَجوزُ انتبَاذُ جِنسينِ مُختَلِطَينِ)

جاء في الصحيحين عن جابر - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُنبذ التمروالزبيب جميعاً، ونهى أن يُنبذ الرطب والبُسْر جميعاً (٣).

فلا يجوز انتباذ جنسين مختلطين مثل التمر والزبيب، التمر جنس والزبيب جنس آخر، لا تصنع نبيذاً من جنسين مختلفين مع بعضهما، هذا معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.

البُسْر: من ثمر النخل قبل أن يصير رُطباً.

قالوا: هي مرحلة ما بين البلح والرطب، بعد أن يكون بلحاً يصير بسراً، ثم بعد ذلك يصير رطباً، فهو نوع من أنواع ثمر النخل.

ذهب جمهور العلماء إلى كراهة ذلك كراهة تنزيهية ولا يحرم ما لم يصر مسكراً، وعللوا الحكم بأن الإسكار يسرع إليه بسبب الخلط، عندما يخلط أكثر من جنس الإسكار يكون أسرع إليه قبل أن يتغير طعمه، فيظن الشارب أنه ليس مسكراً ويكون مسكراً.

يعني عندما يصل إلى درجة الإسكار يكون قد تغير طعمه لكن هذا عندما يحصل الاختلاط يصل إلى درجة الإسكار قبل أن يتغير طعمه فلا يميزه الشارب فيقع في المحذور، لذلك


(١) أخرجه البخاري (٤٣٦٨)، ومسلم (١٧).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٩٩ و ٩٧٧) من حديث بريدة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري (٥٦٠١)، ومسلم (١٩٨٦).

<<  <   >  >>