للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف رحمه الله: (تُشرعُ لأهلِ كُلِّ بيتٍ)

الأضحية مستحبة على الصحيح، بوَّب الإمام البخاري في صحيحه: باب سنة الأضحية.

وقال ابن عمر: هي سنة ومعروف.

ابن عمر الصحابي، هذه طريقة أصحاب الحديث؛ الاعتماد على فهم الصحابة للأدلة الشرعية.

لذلك نحاول الرجوع إلى كتبهم لمعرفة ما كان عليه السلف الصالح من أمور الدين؛ كالإمام البخاري والترمذي رحمه الله كذلك، عندما يذكر الأحاديث يذكر أحياناً كثيرة، يقول: وهذا قول بعض أهل العلم قال به فلان وفلان وفلان، هذا قول أهل العلم قال به فلان وفلان، يذكر من الصحابة، ومن التابعين، ومن أتباع التابعين، ممن يحضره من أهل العلم من السلف الصالح رضي الله عنهم.

وأنا حقيقة أنصح كثيراً بكتاب الأوسط لابن المنذر رحمه الله فهو من أنفس الكتب الفقهية على طريقة أهل الحديث وعلى منهج السلف رضي الله عنهم، فهو كتاب نفيس جداً حقيقة في طرح المسائل العلمية وفي ذكر مذاهب السلف أيضاً، وكذلك التمهيد لابن عبد البر والمغني لابن قدامة كتب نافعة جدا في هذا الباب.

فهنا الإمام البخاري رحمه الله بوَّب على سُنِّية الأضحية فذكر أثراً عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: هي سنة ومعروف، سنة: أي من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومعروف: يعني تؤجر على فعلها. وقال ابن حزم: لا يصح عن أحد من الصحابة أنها واجبة. انتهى

وصح عن جمعٍ من الصحابة على أنها مستحبة وليست واجبة.

وجمهور أهل العلم على أنها غير واجبة، بل صح عن أبي بكر وعمر أنهما كانا يتركانها عمداً خشية أن يظنها الناس واجبة، وصح كذلك عن أبي مسعود البدري أنه تركها عمداً حتى لا يظن الناس أنها واجبة، فهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من شدة حرصهم على أن لا يعتقد الناس أنها واجبة تركوا العمل بهذه السنة في بعض الأوقات.

وأقرب ما يتمسك به من يقول بالوجوب، حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - رفعه بعض الرواة: «من وجد سعة فلم يضحِّ فلا يقربن مصلَّانا» (١) أخرجه أحمد وابن ماجه، وقد روي هذا الحديث موقوفاً ومرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورجح الكثير من المحققين من علماء الحديث وقفه، منهم: الترمذي والدارقطني والبيهقي والطحاوي وابن عبد الهادي وغيرهم، رجحوا أن هذا الحديث موقوف وليس مرفوعاً.

ومَنْ تأمل إسناده تبيَّن له صحة ما رجحه هؤلاء الأئمة، بل نقل الذهبي عن الإمام أحمد أنه قال: هذا الحديث منكر.

ثم قال الذهبي: لا يدل على الوجوب، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من أكل الثوم فلا يقربن مسجدنا» هذا ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله.


(١) أخرجه أحمد (٨٢٧٣)، وابن ماجه (٣١٢٣).

<<  <   >  >>