للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا ليس على الوجوب، الأكل والادخار ليس على الوجوب، وإن كان هنا أمر، لكنه أمرٌ وارد بعد حظر، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث وأمرهم بالتصدق بها، ثم بعد ذلك رفع هذا النهي بهذا الأمر فقال: «كلوا وادخروا وتصدقوا» وقد مر معنا في قواعد الأصول أن الأمر بعد الحظر يرجع الأمر إلى ما كان عليه قبل النهي أو إلى الإباحة، فلا يُستفاد الوجوب من هذا الحديث.

أما الصدقة فحصل خلافٌ بين أهل العلم أيضاً والذي يظهر أنها ليست واجبة، أما الشافعية فيقولون: هي واجبة وتصح بأقل شيء يُتصدَّق به. والله أعلم

قال المؤلف رحمه الله: (والذَّبْحُ في المُصلَّى أفضَلُ)

الصحيح أن هذا خاص بالإمام فقط؛ لما أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحر أو يذبح بالمصلى (١).

ولم يذكر أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك معه إنما ذكر أن الذي كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم.

هذا قول الإمام مالك رحمه الله، جعل من السنة أن يذبح الإمام فقط في المصلى وليس الجميع. وهو الحق إن شاء الله.

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يَأخذْ مَن له أُضحيةٌ مِن شَعْرِهِ وظُفْرِهِ بَعدَ دُخولِ عَشرِ ذِي الحِجَّةِ حتى يُضَحِّي)

إذا أراد المسلم أن يضحي ودخل شهر ذي الحجة، فلا يجوز له أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً إلى أن يذبح أضحيته؛ لحديث أم سلمة عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره» (٢).

هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب.

ويصح أن يكون الفعل نفسه مستحباً ولكن له شروط وواجبات لا يصح إلا بها؛ كصلاة النافلة مثلا لا تصح إلا بوضوء مع أنها نفسها ليست واجبة.

وكذلك الأضحية ليست واجبة ولكن منع الأخذ من الشعر والظفر لأجلها واجب.

واحتج الإمام الشافعي رحمه الله بهذا الحديث على عدم وجوب الأضحية، قال: لو كانت واجبة لما رد الأمر إلى إرادة المضحي، إذا أراد أن يضحي أو لم يرد أن يضحي، فلما رده إلى إرادته؛ دل ذلك على عدم الوجوب، وتابع الإمام الشافعي على هذا الاستدلال غير واحد من أهل العلم، منهم ابن المنذر رحمه الله.

واختلف أهل العلم هل واجب الإمساك عن الأخذ من الشعر والظفر فقط على من أراد الذبح أم عليه وعلى أهل بيته أيضاً الذين يريد أن يضحي عنهم؟


(١) أخرجه البخاري (٩٨٢).
(٢) أخرجه مسلم (١٩٧٧) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.

<<  <   >  >>