للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه الأنواع لا تجزئ في الأضحية.

أخرج أحمد وأبو داود وغيرهما عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِيِّ: الْعَوْرَاءُ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ بَيِّنٌ ضَلَعُهَا، وَالْكَسِيرُ الَّتِي لَا تُنْقِي» (١).

العوراء: هي التي ذهبت إحدى عينيها، والبيِّن: -العور البيِّن- أي الظاهر الواضح.

والمريضة: هي التي يظهر أثر المرض عليها، وهذا ينقص لحمها ويفسده.

العرجاء البيِّن ضَلَعها؛ أي عرجها: وهي التي بها عرجٌ فاحش، بحيث لا تلحق أخواتها، وأما العرج اليسير فمعفو عنه.

وأما الكسير التي لا تنقي: أي لا نِقْيَ في عظامها وهو المخ، فتكون هزيلة، عظمها ضعيف جداً سهل الكسر.

قال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: وأجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء وهو المرضُ والعَجَفُ والعَور والعَرَج البَّين؛ لا تجزئ التضحية بها، وكذا ما كان في معناها أو أقبح منها؛ كالعمى، وقطع الرجل، وشبهه. انتهى

هذا ما ثبت من أحاديث في عيوب الأضاحي، ولا يصح غير ذلك، وما ورد في هذا الباب غير حديث البراء فضعيف.

والأعجف الذي ذكره المؤلف: هو الهزيل، ذكر في رواية في نفس حديث البراء، بدل قوله: والكسير التي لا تنقي، قال: والعجفاء التي لا تنقي، والعجفاء هي المهزولة التي لا نِقْيَ لعظامها أي لا مخ.

وأما قول المؤلف: وأعضب القرن والأذن: أي الذي ذهب نصف قرنه أو نصف أذنه أو أكثر من ذلك.

والصحيح أنه يجزئ في الأضحية حتى لو ذهب قرنه كله أو ذهبت أذنه كلها.

المؤلف ومَنْ ذهب مذهبه يستدلون بحديث علي - رضي الله عنه -: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضحي بأعضب القرن والأذن (٢). أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما، وفي سنده جُرَيّ بن كُليب لا يحتج به ضعيف، وكذا حديثه في استشراف العين والأذن (٣) أعله الدارقطني في العلل.

وفي حديث البراء المتقدم قيل للبراء: فإني أكره أن يكون نقصٌ في القرن والأذن، قال: فما كرهته منه فدعه ولا تحرِّمه على أحد. انتهى والله أعلم.

قال المؤلف رحمه الله: (ويَتصدَّقُ مِنها ويَأكُلُ ويَدَّخِرُ)

لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كلوا وأطعموا وادخروا» (٤) متفق عليه.


(١) أخرجه أحمد (١٨٥١٠)، وأبو داود (٢٨٠٢)، والترمذي (١٤٩٧)، والنسائي (٤٣٧٠)، وابن ماجه (٣١٤٤).
(٢) أخرجه أحمد (٨٦٤)، وأبو داود (٢٨٠٥)، والترمذي (١٥٠٤)، والنسائي (٤٣٧٧)، وابن ماجه (٣١٤٥).
(٣) أخرجه أحمد (٧٣٢)، وأبو داود (٢٨٠٤)، والترمذي (١٤٩٨)، والنسائي (٤٣٧٢)، وابن ماجه (٣١٤٣).
(٤) أخرجه البخاري (٥٥٦٩) من حديث سلمة بن الأكوع وأصله عند مسلم، ومسلم (١٩٧١) من حديث عائشة وأصله عند البخاري.

<<  <   >  >>