والمجهول بخلافه لا يُعرف، الشيء المتنازَع عليه غير معلوم؛ كالتنازع على إرثٍ غير معلوم أو على غنيمة لم تقسم فلا يُعرف ما لكل واحد منها، أو مالٍ لا يُعرف جنسه أو قدره.
مثل هذا تنازعٌ على مجهول، فيقول المؤلف: يجوز الصلح عن المعلوم بالمعلوم والمجهول؛ أي إذا كان التنازع في أمر معلوم يجوز أن نصلح بينهم على أمرٍ معلوم أو مجهول، كأن يتنازعوا على سيارة معينة؛ فنصلح بينهم بأن يأخذ هذا نصفها ويأخذ الآخر نصفها الآخر، ونحدد لكل واحد ما له، أو نبيع السيارة ونعطي كل واحد منهما جزء ثمنها.
فهنا النزاع كان على شيء معلوم وهي السيارة، والصلح وقع على شيء معلوم وهو نصف ثمن السيارة لهذا ونصف ثمن السيارة لهذا.
فيقول: يجوز الصلح عن المعلوم بالمعلوم وبالمجهول أيضاً.
فنقول لهم مثلاً الذين تنازعوا مثلاً على سيارة معلومة: كل واحد منكما يكون له نصيبٌ فيها، فلم نحدد ما لكل واحد منها، فصار النصيب مجهولاً فيجوز مثل هذا الصلح على ما ذكر المؤلف.
وكذلك الأمر في المجهول يجوز الصلح فيه بمعلوم ومجهول.
لكون هذه الحقوق حقوق خاصة فمن رضي بالتنازل عن مال له وقبل بغيره فله ذلك؛ لأنه حقه وله التصرف فيه فالعبرة في الصلح بتحقق التراضي بين المتنازعين، فإذا حصل التراضي على أمر ليس فيه ما يخالف الشرع؛ صح الصلح.
قال المؤلف في شرحه على الدرر: وأخرج البخاري من حديث جابر: أن أباه قُتل يوم أحد شهيداً وعليه دَين، فاشتد الغرماء في حقوقهم، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فسألهم أن يقبلوا ثمر حائطي ويحللوا أبي فأبوا، فلم يعطهم النبي صلى الله عليه وسلم حائطي. وقال «سأغدو عليك» فغدا علينا حين أصبح فطاف في النخل ودعا في ثمرها بالبركة فجددتها فقضيتها وبقي لنا من ثمرها (١).
وفيه جواز الصلح عن معلوم بمجهول. انتهى كلامه رحمه الله.
أقول: المجهول ربما إذا عرف لا يحصل الرضا به بعد معرفته؛ فإذا كان هذا الاحتمال قائماً فلابد من العلم به. والله أعلم