للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما السنة؛ فما روى عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر» (١) متفق عليه. في آي وأخبار سوى ذلك كثيرة.

وأجمع المسلمون على مشروعية نصب القضاء، والحكم بين الناس. انتهى.

قال المؤلف رحمه الله: (إنِّما يَصحُّ قَضاءُ مَن كانَ مُجتهِداً مُتورِّعاً عن أَموالِ النَّاسِ، عَدلاً في القَضِيَّةِ، حَاكِماً بالسَّويَّةِ)

هذه الصفات التي يجب أن تتوفر في القاضي الذي يحكم بين الناس.

يجب أن يكون القاضي مسلماً فلا يجوز أن يكون كافراً؛ لقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء/١٤١].

ويجب أن يكون مكلفاً عدلاً، وهو المسلم البالغ العاقل الخالي من أسباب الفسق.

وسيأتي إن شاء الله في (الشاهد) تفسير هذه المعاني وقد تقدمت في دروس سابقة.

يجب أن يكون عدلاً؛ لأن غير العدل لا يؤتمن على أنفس الناس وأموالهم وأعراضهم أن يحكم فيها بالعدل.

ويجب أن يكون أيضاً ذكراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً» (٢) الوِلاية؛ كالقضاء والإمارة ورئاسة البلديات وما شابه، هذه لا يجوز أن تتولاها امرأة؛ لأنها لا قدرة لها على إدارة هذه الأمور، وهي ليست كالرجل في قدرته على هذه الأشياء، هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، ويحاول البعض في هذه الأيام ممن تلوثت أفكارهم بأفكار الغرب، يحاولون إما لَيّ عنق هذا الحديث أو تضعيفه بأي طريقة من طرق التضعيف، المهم عندهم أن يتخلصوا منه، وطرق التخلص إما بالتضعيف أو بالتحريف، هذه الطرق المعهودة المعروفة عن أهل البدع من القديم وليس من اليوم.

واليوم طبعاً كثر أهل البدع لضعف الوازع الديني وأصبحت الأهواء سائدة عند كثير من الناس لا يتورعون عن تحريف سنة النبي صلى الله عليه وسلم بما يتماشى مع أهوائهم، فلما رأوا أن الغرب لهم الآن كلمة ويدعون إلى مثل هذه الأشياء من رئاسة المرأة وتحريرها وما شابه، أرادوا


(١) أخرجه البخاري (٧٣٥٢)، ومسلم (١٧١٦)، بلفظ: «إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ».
(٢) أخرجه البخاري (٤٤٢٥).

<<  <   >  >>