أن يتماشوا مع الغرب في أفكارهم فحاولوا أن يتخلصوا من دلالة هذا الحديث، فلا يُنظر لأمثال هؤلاء ولا يُسمع لما يقولون فهم أذناب الغرب الأمر عندهم كما قال الأول:
إذا قالتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فإنّ القولَ ما قَالَتْ حَذَامِ
حتى لو كان الأمر على حساب تكذيب الشرع.
ويجب أن يكون القاضي مجتهداً؛ لأنه يجب عليه أن يحكم بالعدل، والعدل هو ما جاء في الكتاب والسنة، وهو ما أنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإذا لم يكن مجتهداً لن يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها من الكتاب والسنة كي يقضي بها؛ فلا بد أن يكون مجتهداً حتى يتمكن من استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها.
وأيضاً يجب أن يكون القاضي حراً؛ لأن العبد مشغول بحقوق سيده فلا يصلح للقضاء.
وقول المؤلف: متورعاً عن أموال الناس أي عفيف النفس، لا يطمع في أموال الناس فيقع في أخذ الرشوة منهم. والورع: ترك ما يضر في الآخرة.
وما ذكره المؤلف هنا داخل في شرط العدالة.
وقوله: عدلاً في القضية أي يكون عادلاً في الحكم بين الناس، القضية هي الحكومة.
وقوله: حاكماً بالسوية أي يعدل بين الناس في الحكم، فلا يميل إلى بعضهم على حساب بعض.
قال المؤلف رحمه الله: (ويَحرمُ عليهِ الحِرصُ على القَضاءِ وطلبُهُ)
وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن بن سمرة: لا تسأل الإمارة، فإن أُعطيتها عن مسألة وُكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها» (١) متفق عليه.
هذا فيه نهي عن سؤال الإمارة، ويدخل فيه القضاء؛ لأنه نوع من الإمارة، ولكن إذا لم يوجد غيره أهلاً في القضاء فعندئذ يجوز له أن يطلبه، لماذا؟ لأنه واجب عليه في تلك الحالة، فالقضاء حكمه أنه واجب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإذا لم يكن هناك من هو أهل للقضاء بالعدد الذي يسقط به الواجب الكفائي؛ وجب وتعيَّن على من توفرت فيه شروط القضاء، وفي هذه الحالة وجب عليه أن يتقدم ليسد هذا الجانب.
(١) أخرجه البخاري (٧١٤٦)، ومسلم (١٦٥٢).