للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال جماعة من العلماء بما قاله الشوكاني - رحمه الله -، وهو أنه ليس لأقل الحيض بالأيام حدّ ولا لأكثره وقت، والحيض عندهم إقبال الدم المنفصل عن دم الاستحاضة، والطهر إدباره.

قال - رحمه الله -: (فذاتُ العادةِ المتقرِّرَةِ تعملُ عليها، وغيرُها ترجِعُ إلى القرائنِ، فدمُ الحيضِ يتميَّزُ من غيره، فتكونُ حائضاً إذا رأت دمَ الحيضِ، ومستحاضةً إذا رأتْ غيرَهُ، وهي كالطاهرةِ، وتغسل أثر الدمِ، وتتوضأ لكل صلاةٍ)

إذا كانت دورة المرأة منتظمة في وقتها المعلوم عندها، وانقطعت في وقتها، فإنها تمسك عن الصلاة والصيام، وتثبت لها أحكام الحائض، ولا إشكال في ذلك.

أما إذا كان الدم ينزل منها باستمرار، ولا ينقطع، فهذه تسمى مستحاضة.

والاستحاضة هي: استمرار نزول الدم في غير وقته.

فكيف تفعل المستحاضة مع استمرار الدم ومع اختلاط الأمر عليها؟ ! ، هل الدم النازل دم حيض، أم دم استحاضة؟

قال المؤلف: (فذات العادة المتقررة تعمل عليها)، فإذا كانت امرأة ما تحيض مثلاً سبعاً وتطهر ثلاثاً وعشرين يوماً، فهذه عادتها متقررة، فإذا استمر الدم واستحاضت تعمل على عادتها المتقررة، فتحيَّضُ سبعة أيام ثم تغتسل وتصلي ثلاثاً وعشرين يوماً وهكذا.

ودليل ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للمستحاضة: «إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي» أخرجه البخاري (١).

وأما التي ليس لها عادة مقرّرة، كالصغيرة، والتي نسيت عادتها، فهذه تعمل بالقرائن، فتميّز بين دم الحيض ودم الاستحاضة بالرائحة واللون، واستدل على هذا بحديث ضعيف، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «دم الحيض أسود يُعْرف» (٢) استنكره أبو حاتم.

وأما الحالة الثالثة: إذا لم تكن لها عادة متقررة ولا تميز بين الدمين، فهذه تنظر إلى عادة نسائها؛ كأختها وأمها وتعمل عليها.


(١) البخاري (٣٠٦، ٣٢٠)، ومسلم (٣٣٣) واللفظ للبخاري عن عائشة رضي الله عنها.
(٢) رواه أبو داود (٣٠٤)، والنسائي (٢١٥).
انظر العلل لابن أبي حاتم (١١٧)، والعلل للدارقطني (١٤/ ١٠٣)، والبدر المنير (٣/ ١١٧).

<<  <   >  >>