قال أبو عبيد: لا نراه خَصَّ به الخِيانةَ في أَماناتِ النَّاس دُونَ ما افتَرضَ اللهُ تَعالَى على عبادِه وائْتَمَنهم عليه، فإنَّه قد سَمَّى ذلك أَمانةً فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} فمن ضَيَّع شيئًا مِمَّا أَمَر اللهُ تعالى به، أو رَكِب شيئًا مِمَّا نَهَى الله عنه؛ فليس ينبغي أن يَكُونَ عَدلًا؛ لأنه قد لَزِمَه اسمُ الخِيانة.
وأما ذو العداوة فهو الذي بينه وبين المشهود عليه عداوة، فوجود هذه العداوة تجعل الشاهد محل تهمة.
تُتْرَك شهادته حتى نأمن من تأثير العداوة على الشهادة على الآخر، فيشهد بالباطل لإلحاق الضرر به.
والمتهم مَنْ يُظنُّ به أنه يشهد زوراً لمن يحابيه؛ لصحبة أو قرابة أو غير ذلك.
والقانع لأهل البيت أي الذي ينفق عليه أهل البيت؛ كالخادم والتابع؛ فربما تدفعه نفقتهم عليه أن يحابيهم ويميل إليهم في الشهادة.
دليله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أحمد وأبي داود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غِمْر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت»(١).
ولا ذي غِمْر على أخيه أي ولا ذي حقد على أخيه.
والقاذف: كذلك القاذف لا تجوز شهادته، والقاذف هو الذي يرمي غيره بالزنى، وهذا لقوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور/٤]، الشاهد قال:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}، يعني يرمون العفيفات الطاهرات يرمونهن بالزنى لا تقبلوا لهم شهادة أبداً.
قال: والبدوي على صاحب قرية.
(١) أخرجه أحمد (٦٨٩٩)، وأبو داود (٣٦٠١)، وابن ماجه (٢٣٦٦).