للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دليله حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية» (١). أخرجه أبو داود وغيره. هذا الحديث فيه إشكال، إن صح فهو محمول عند أهل العلم على مَنْ لم تُعرَف عدالته من أهل البدو، أو من يجهل أحكام الشهادة. قالوا: والغالب أنهم لا تُعرف عدالتهم.

قال الذهبي في تعليقه على المستدرك: وهو حديث منكرعلى نظافة سنده.

قال المؤلف رحمه الله: (وتَجوزُ شَهادةُ مَن يَشهَدُ على تَقريرِ فِعلِهِ أو قَولِهِ إذا انتفَتِ التُّهمَةُ)

يعني بذلك إذا ادعى شخصٌ أنه مثلاً رضع من فلانة، فيجوز لفلانة هذه أن تشهد أنها أرضعته، تشهد على حدوث فعلها وتأكيده، تشهد وتقول: أنا أرضعت فلاناً، فتشهد بفعلٍ هي فعلته.

أو أن يشهد الشخص بقولٍ هو قاله لمصلحة المشهود له أو ضده، المهم أن الشاهد يشهد بأمرٍ هو فعله أو قاله.

هذا ما يريده المؤلف، يقول: يجوز هذا الأمر.

ودليل ذلك حديث عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - عندما تزوج امرأة، قالت امرأة أخرى: إني أرضعت عقبة والتي تزوج، فسأل عقبةُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: «كيف وقد قيل؟ » (٢) يعني كيف ستتزوجها وقد قيل: إنك رضعت أنت وهي من امرأة واحدة؟

فهذه المرأة قد شهدت بفعل نفسها أنها هي التي أرضعته، وقُبلت شهادتها ففارقها عقبة، فارق زوجته التي كان قد تزوج.

فهذه الشهادة مقبولة بشرط أن لا يُتهم الشاهد، الذي شهد بأنه قال أو فعل، لا يكون متهماً بأن يكون بينه وبين المشهود عليه عداوة أو له مصلحة.

قال المؤلف رحمه الله: (وشَهادةُ الزُّورِ مِن أكبرِ الكَبائِرِ)

شهادة الزور، هي: شهادة الكذب، يعني أن تخبر عند التحاكم أنك رأيت أو سمعت شيئاً


(١) أخرجه أبو داود (٣٦٠٢)، وابن ماجه (٢٣٦٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٤٠).

<<  <   >  >>