للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأنت كاذب في ذلك، وهي من أكبر الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال: «الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين» ثم قال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قول الزور أو قال: شهادة الزور» (١) متفق عليه.

فشهادة الزور أكبر الكبائر بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه تحذير من ارتكاب هذه الجريمة وهي شهادة الكذب.

قال المؤلف رحمه الله: (وإذا تَعارضَ البَيِّنتانِ ولم يُوجد وَجهُ تَرجيحٍ؛ قُسِّمَ المُدَّعَى)

إذا جاء الخصمان إلى القاضي، وأقام كل واحد منهما البينة على أن الشيء الذي تنازعا عليه له، فالأول أقام البينة على ذلك بإحضار شاهدين عدلين مثلاً، والثاني كذلك أقام البينة على ذلك مثله، ولا يوجد وجه ترجيح.

بينتان قويتان بنفس القوة، ليس عند القاضي مرجِّح يقوي به أحد القولين، ماذا يفعل في هذه الحالة؟ قال المؤلف: قُسِّم المُدَّعَى، ما هو المدعى؟ إذا ادعى مثلاً أحد الخصمين على الآخر أن الأرض له، أوالبيت، أو أن السيارة له، فالأرض أو البيت أو السيارة هي المُدّعَى، فالمدعى هو الشيء الذي يدعيه كل واحد من الطرفين؛ كقطعة الأرض أو السيارة وما شابه.

فإذا تساوت البينات بين الخصمين يقسم المدعى، يعني قطعة الأرض إذا تنازعا على قطعة أرض تقسم قطعة الأرض بينهما.

هذا معنى كلام المؤلف.

استدل المؤلف بالحديث الذي أخرجه أبو داود: أن رجلين ادعيا بعيراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث كل واحدٍ منهما بشاهدين؛ فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين (٢).

فالمدعي عنده بينة والمدعى عليه عنده بينة، فهذا جاء بشاهدين وهذا جاء بشاهدين، ولا يوجد ما يدل على أن الحق مع أحدهما؛ لذلك قسمه بينهما.

هذا حديث أبي موسى وهو حديث معلولٌ عند أهل الحديث كما قال البيهقي رحمه الله، فلا يحتج به حديث ضعيف.

قال البيهقي عند ذكر هذه المسألة: قال الشافعي رحمه الله: فيها قولان: أحدهما: يقرع بينهما


(١) أخرجه البخاري (٥٩٧٧)، ومسلم (٨٨).
(٢) أخرجه أحمد (١٩٦٠٣)، وأبو داود (٣٦١٣)، والنسائي (٥٤٢٤)، وابن ماجه (٢٣٣٠)، انظر علته في الإرواء للألباني (٢٦٥٦)

<<  <   >  >>