هذا قول المؤلف رحمه الله، والصحيح أن البينة تُقبل متى جاء بها صاحبها؛ فالمراد إظهار الحق وإيصال الحقوق إلى أصحابها، ويحصل ذلك بالبينات فهي أقوى من اليمين.
ولا يوجد دليل صحيح يدل على ما ذكره المؤلف رحمه الله من رد البينة بعد اليمين. والله أعلم
قال ابن حزم: وقد اختلف الناس في هذا فروينا من طريق وكيع نا سفيان الثوري عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال: كان شريح يستحلف الرجل مع بينته، ويقبل البينة بعد اليمين، ويقول: البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة.
وبالحكم على الحالف إذا أقام الطالب بينة بعد يمين المطلوب يقول سفيان الثوري، والليث بن سعد. وبه يقول أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وإسحاق ... انتهى ثم ذكر أقوال أهل العلم الأخرى.
قال المؤلف رحمه الله:(ومَنْ أَقرَّ بِشيءٍ عَاقِلاً بَالِغاً غَيرَ هَازلٍ ولا بِمُحالٍ عَقلاً أو عَادةً؛ لَزِمَهُ ما أقرَّ بهِ؛ كَائِناً ما كَانَ، ويَكفِي مَرّةً واحدة؛ مِن غَيرِ فرقٍ بَينَ مُوجِباتِ الحُدُودِ وَغِيرِهَا كمَا سَيأتِي)
تقدم معنا أن الإجماع منعقد على الحكم بالإقرار، بمجرد أن يقر الشخص بالحق الذي عليه يحكم القاضي بالإقرار الذي حصل، فإذا اعترف الشخص بما ادُّعي عليه لزمه الحق، وشرط ذلك أن يكون المعترف عاقلاً بالغاً يفهم ما يقوله وما يقر به على نفسه؛ لأن المجنون والصبي ليسا مكلفين، فلا حكم لإقرارهما.
ويكون جادّاً يعني غير هازل، ليس لاعباً، لا يمزح ويلعب، يكون جاداً في اعترافه، فالهزل ليس اعترافاً حقيقة.
ويعترف بشيء يصدَّق عادة وعقلاً، لا يعترف بشيء مستحيل، مستحيل عليه أن يفعله أو أن يقوله مثلاً؛ لأن هذا كذب ظاهر، يعترف بشيء يكون معقولاً وفي العادة يقع.
ويكفي أن يعترف مرة واحدة لا يطالَب بالاعتراف بأكثر من مرة سواء كان هذا في الحدود أم في غيره.
هذا معنى ما ذكره المؤلف، ودليل الحكم بالاعتراف تقدم وهو حديث: «واغدُ يا أنيس إلى