للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجلد بهذا خشية أن يهلك؛ لأنه مريض ضعيف لا يقدر على الجلد بأكثر من هذا.

هذا العثكال يكون له فروع، هذه الفروع يجب أن تكون مائة واحدة فيجلد بها جلدة واحدة، فتكون بدلاً عن مائة جلدة بضربة واحدة.

دل على ذلك الحديث الذي أخرجه أحمد وأبو داود أن رجلاً ضعيفاً مُخْدَجاً-أي ناقص الخلقة، بطبيعته مريض ضعيف - زنى بأَمَة، فأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «اضربوه حداً». اضربوه الحد مائة جلدة، قالوا: يا رسول الله: إنه أضعف مما تظن. لو ضربناه مائةً قتلناه. فقال: «خذوا له عثكالاً فيه مائة شِمراخ» العثكال: الغصن الكبير الذي يكون عليه أغصان صغار ويسمى كل واحد من تلك الأغصان شمراخاً «ثم اضربوه به ضربة واحدة» (١) ففعلوا.

وأخرج مسلم من حديث علي أن أَمة لرسول الله زنت، فأمر النبي علياً أن يجلدها، فوجدها علي حديثة عهد بنفاس، فخشي إن جلدها أن يقتلها، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أحسنت اتركها حتى تَماثَل» (٢) يعني اتركها حتى تبرأ من مرضها.

هذا يدل على أن المرض الذي يرجى برؤه يختلف عن المرض الذي لا يرجى برؤه.

الأول أمر بجلده بالعثكال، أما هذه فقال له: «اتركها حتى تماثل» إلى أن تبرأ.

قال المؤلف رحمه الله: (ومَن لاطَ بِذكرٍ؛ قُتل ولو كان بِكراً، وكذلك المفعولُ بِهِ إذا كانَ مُختَاراً)

لاط من اللواط يعني من أدخل ذكره في دبر ذكرٍ يُقتل هو والذي لاط به، الفاعل والمفعول به يقتلان، إذا كان المفعول به راضياً مختاراً بذلك غير مكره، سواء كان الفاعل بكراً أم ثيباً لا فرق. هذا ما ذكره المؤلف رحمه الله.

جاء في ذلك أحاديث، منها حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوطٍ فاقتلوا الفاعل والمفعول به» (٣)، وحديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا الفاعل والمفعول به، أُحصِنا أو لم يُحصنا» (٤) تزوجا أم لم يتزوجا.


(١) أخرجه أحمد (٢١٩٣٥)، وأبو داود (٤٤٧٢)، وابن ماجه (٢٥٧٤).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٠٥).
(٣) أخرجه أحمد (٢٧٣٢)، وأبو داود (٤٤٦٢)، والترمذي (١٤٥٦)، وابن ماجه (٢٥٦١).
(٤) أخرجه ابن ماجه (٢٥٦٢)، انظر عللها في البدر المنير (٨/ ٦٠٢).

<<  <   >  >>