إن أمكن؛ لأنه قال: والجروح مع الإمكان، لكون بعض الجروح إذا جئت تقتص من الجارح ربما أدى القصاص إلى إفساد العضو أو موت الشخص، فيخرج عن الحد المطلوب، فمثل هذا لا يُقتص منه.
ودليل القصاص في الأعضاء والجروح قول الله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}[المائدة/٤٥]، هذه الآية وإن كانت نزلت في أهل الكتاب إلا أن المعروف والمقرر في أصول الفقه أن شريعة مَن قبلنا شريعة لنا ما لم تأتِ شريعتنا بما ينسخها.
فإذا ثبت في شرعنا في الكتاب أو في السنة أن هذه شريعة مَن قبلنا فالواجب علينا أن نعمل بها؛ إلا إن دل دليل شرعي عندنا على أنها ليست لنا منسوخة، ومثل هذه الآية قد دل الدليل الشرعي على أن حكمها لنا أيضاً.
فقد جاء في الحديث في الصحيحين من حديث أنس قال: إن الرُّبيِّع كسرت ثنية جارية-الربيع هذه بنت، كسرت ثنية جارية: كسرت سن جارية، الثنية أحد الأسنان الأمامية، فكسرت أحد الأسنان الأمامية لجارية أخرى، أي لبنت ثانية؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص؛ أي بكسر ثنية الربيع، وقال:«القصاص كتاب الله»(١).
يسقط القصاص بتنازل أحد الورثة عن حقه؛ لأن القصاص حق لجميع الورثة، فهم الذين يرثون ديته فهم أصحاب الحق في دمه.
والقصاص لا يتبعَّض، أي لا يتجزأ، فإذا أسقط أحد الورثة حقه تحوَّل إلى الدية، الدية تتبعَّض تتجزأ فإذا تنازل أحد الأشخاص يعطى الآخر نصيبه منها، أما القصاص فلا يتجزأ، فإذا أسقط أحد الورثة حقه؛ سقط القصاص، فلا يُقتل القاتل، ولكن تبقى الدية يعطى كل واحد من بقية الورثة حقه.
ثم قال:(فإذا كانَ فِيهمْ صَغيرٌ؛ يُنتَظرُ في القِصاصِ بُلُوغُهُ)
إذا كان في الورثة: أصحاب الدم؛ صغير، سنه أقل من سن البلوغ، لم يكمل عقله فلا