يستطيع أن يختار بنفسه، قال: فإذا كان فيهم صغيرٌ؛ يُنتظر في القصاص بلوغه، أي يُحبس القاتل إلى أن يبلغ الصغير من الورثة، ثم يُنظر عند بلوغه، أيريدون القتل أم يريدون الدية؟ هذا معنى كلامه رحمه الله. استدل أصحاب هذا القول بأنه حق لجميع الورثة ومنهم الصغير، ولا اختيار له قبل البلوغ، فينتظر بلوغه. وفي المسألة نزاع.
قال المؤلف رحمه الله:(ويُهدَرُ ما سَببهُ مِنَ المَجنِيِّ عَليهِ)
الفعل الذي يؤدي إلى موت الميت أو تلف عضو ويوجب القصاص، الذي يكون سببه المجني عليه، نفس الميت المقتول أو المجني عليه هو المتسبب في قتل نفسه أو إتلاف العضو، وليس الفاعل، فإذا كان هو المتسبب فيسقط القصاص، لا يكون له حق لا في قصاص ولا في دية.
كأن يلقي شخص نفسه أمام سيارتك، وأنت تقودها في الطريق بطريقة صحيحة، لست مسرعاً ومنتبه؛ فيموت، مع أنك أنت الذي ضربه بالسيارة؛ إلا أنه هو المتسبب في ذلك وهو المخطئ، ولست أنت فلا شيء عليك.
يبيِّن لنا ذلك الحديث الذي ورد في مثل هذه القضية، فقد جاء في الصحيحين أن رجلاً عضَّ يد رجل فانتزع يده من فيه-المعضوض الذي يده في فم الآخر نزع يده بشدة - فوقعت ثنيته-العاضّ وقعت سنه- فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:«يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل؟ ! لا دية لك»(١) يعني تريد أن تعض يده كذكر الحيوان ولا تريده أن يدافع عن نفسه؟ ! وإذا دافع وأتلف عضواً منك بسببك، تريد أن تأخذ دية؟ لا حق لك في ذلك؛ لأنك أنت المعتدي.