للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثل عقل العمد، ولا يُقتل صاحبه، وذلك أن ينزو الشيطان بين الناس فتكون دماء في غير ضغينة ولا حمل سلاح» (١) أخرجه أحمد وأبو داود، العقل يعني المقصود به الدية.

لكن هذا الحديث فيه نزاع وخلاف في صحته.

والحديث الثاني الذي هو حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتل السوط أو العصا فيه مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها» (٢) أخرجه أبو داود وهذا الحديث أصح من الأول.

فيه إثبات شبه العمد، فهذا الحديث يدل على أن القسمة الصحيحة هي ما ذهب إليه الجمهور من أن القتل منه عمد وشبه عمد ومنه خطأ.

وأما الكفارة التي ذكرها المؤلف رحمه الله، قال: وفي القتل الخطأ الدية والكفارة؛ هي ما ذكر في كتاب الله، قال الله تبارك وتعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إلَّا خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إلَّا أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء/٩٢]، فالكفارة هي: تحرير رقبة، يعني عتق عبد أو أمة، واليوم هذا غير موجود عند أكثر الناس فينتقل إلى: صيام شهرين متتابعين، فمن قتل شخصاً خطأً لزمه أمران: الأول: الكفارة وهي تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين.

هذا ليس على التخيير، إذا وجد الشخص تحرير رقبة؛ فهذا هو الواجب، فإذا لم يجد ينتقل إلى صيام شهرين؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}، قال: فمن لم يجد.

والأمر الثاني الدية، والدية هذه تكون حق لورثة المقتول، فإذا تنازلوا عنها وسامحوه تسقط عنه، وإذا لم يتنازلوا وجبت عليه، وسيأتي التفصيل في الديات.

ودليل كون الدية على العاقلة في قتل الخطأ وشبه العمد ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المرأة على عاقلتها (٣). فهذا يدل على أن الدية تلزم العاقلة.


(١) أخرجه أحمد (٧٠٣٣)، وأبو داود (٤٥٦٥).
(٢) أخرجه أحمد (٦٥٣٣)، وأبو داود (٤٥٨٨)، والنسائي (٤٧٩١)، وابن ماجه (٢٦٢٧).
(٣) أخرجه البخاري (٦٩١٠)، ومسلم (١٦٨١).

<<  <   >  >>