للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوجب رد الحقوق إلى أصحابها قبل العمل بالوصية، قبل تنفيذ الوصية وقبل تقسيم التركة، وليس بين العلماء خلاف في تقديم الدَّيْن على الوصية.

قال ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا أن الوصية لا تجوز إلا بعد أداء ديون الناس، فإن فضل شيء جازت الوصية والا فلا.

واختلفوا في ديون الله تعالى من كل فرض في المال أو مخير بمال؛ فأسقطها قوم وأوجبها آخرون قبل ديون الناس، ولم يجعلوا لديون الناس إلا ما فضل عن ديون الله تعالى؛ وإلا فلا شيء للغرماء.

ثم قال المؤلف: (ومَن لم يَترُك ما يَقضِي دَينهُ؛ قَضَاهُ السُّلطانُ مِن بيتِ المَالِ)

شخص عليه ديون وماله الذي عنده لا يكفي لقضاء دينه، يقول المؤلف هنا: يقضيه السلطان من بيت المال؛ لحديث أبي هريرة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته: «من ترك مالاً أو حقاً فلورثته»، إذا مات الشخص وترك مالاً ميراثاً فماله للورثة، «ومن ترك كَلًّا أو ديناً فكَلُّه إلي ودينه عليّ» (١)، كَلاً يعني ترك عيالاً يحتاجون إلى نفقة، أو ترك ديناً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «فكَلُّه إلي» يعني عياله عليّ يعني أنا أتكفل بهم، «ودينه علي» والذي على النبي صلى الله عليه وسلم يرجع على السلطان في بيت مال المسلمين.

قال النووي رحمه الله: واختلف أصحابنا في قضاء دين من مات وعليه دين، فقيل: يجب قضاؤه من بيت المال، وقيل: لا يجب.

ومعنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا قائم بمصالحكم في حياة أحدكم وموته، وأنا وليه في الحالين، فإن كان عليه دين قضيته من عندي إن لم يخلف وفاء، وإن كان له مال فهو لورثته لا آخذ منه شيئاً، وإن خلف عيالاً محتاجين ضائعين فليأتوا إلي فعلي نفقتهم ومؤنتهم.


(١) أخرجه البخاري (٦٧٤٥)، ومسلم (١٦١٩).

<<  <   >  >>