للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف: (وهي في القُرَبِ من الثُّلُثِ)

يعني إذا أوصى شخص بشي من ماله أو بكل ماله بأن يوضع في قربة كبناء مسجد؛ فلا تصح الوصية إلا بالثلث من ماله فقط، فإذا كانت الوصية بثلث المال أو أقل عُمل بها.

وإذا كانت الوصية ليست فيها معصية وصية طاعة قربة جائزة، وكذلك إذا كانت في مباح، وكانت بثلث المال أو أقل من الثلث صحَّت.

وأما إذا كانت الوصية بأكثر من الثلث فلا تصح، فلا يعمل بها إلا بالثلث فقط.

وذلك لحديث سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الثلث والثلث كثير أو كبير»، هذا عندما كان سعد بن أبي وقاص على فراش المرض، أصابه مرض شديد حتى ظن أنه هالك، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أموت الآن على فراشي وليس لي إلا بنتٌ ترثني، فأراد أن يتصدق، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: أتصدق بثلثي مالي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا». قال: فالشطر. يعني النصف. قال: «لا». فقال النبي: «الثلث والثلث كثير أو كبير»، يعني تصدق بالثلث، لكنه أيضاً كثير، يعني لو أنه نزل عن الثلث كان أفضل. ثم قال له: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» (١)، يعني أن تترك الورثة الذين من خلفك أغنياء عندهم ما يكفيهم، خير من أن تتركهم يحتاجون الناس ويمدون أيديهم للناس.

هذا الحديث متفق عليه، وهو الدليل على ما ذكر المؤلف رحمه الله.

وقال ابن المنذر رحمه الله في الإجماع: وأجمعوا على أن الوصايا مقصورة بها على ثلث مال العبد.

وأخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لو غض الناس إلى الربع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الثلث والثلث كثير أو كبير» (٢).

وقال ابن المنذر في الإقناع: ويستحب إذا أوصى المرء أن ينقص من الثلث شيئاً؛ لقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «الثلث والثلث كثير».

ويستحب أن يدع المرء ورثته أغنياء؛ لقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس».

قال المؤلف رحمه الله: (ويَجبُ تَقدِيمُ قَضاءِ الدُّيونِ)

الديون: أموال هي من حق أصحابها مشغولة بها ذمة الميت وليست من حقه.


(١) أخرجه البخاري (١٢٩٥)، ومسلم (١٦٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٤٣).

<<  <   >  >>