ميراث الأخت الشقيقة والأخت لأب
بقيت الآية الأخيرة، قال ربنا تبارك وتعالى فيها: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ} قلنا الكلالة أن يهلك الهالك ولا يترك والداً ولا ولداً {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} الأخت هنا غير الأخت هناك، هذه الأخت هي الشقيقة أو لأب {فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ} يعني هي ترث نصف ماله إذا لم يكن له والد ولا ولد، وهو يرث المال كله، يرثها بكل مالها إذا لم يكن لها ولد ولا والد {فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} إذا كانت الأخوات اللاتي تركهن اثنتين فأكثر فلهن الثلثان مما ترك.
{وَإِن كَانُوا إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} يعني مثل الأبناء والبنات، إذا ترك إخوة وأخوات فللذكر مثل حظ الأنثيين.
هذه هي الآيات التي ذُكرت في المواريث.
على كلٍّ ضبط موضوع المواريث بشكل كامل لا بد من دراسة الرحبية.
قال المؤلف رحمه الله: (ويَجبُ الابتِداءُ بِذَوِي الفُرُوضِ المُقدَّرةِ، وما بَقِيَ فَللعَصَبةِ)
هذه أصل في تقسيم المواريث، أول ما تبدأ تعطي أصحاب الفروض المقدرة فروضهم.
هذا ما أفاده كلام المؤلف أن الورثة قسمان: قسم يرث بالفرض، وقسم آخر يرث بالتعصيب. والمراد بالفرض هنا: النصيب المقدر شرعاً؛ كالربع والثلث والنصف كما تقدم.
والمراد بالعصبة: الذين يحوزون جميع المال، يأخذون المال بالكامل كله، مثل ما تقدم معنا. مثلاً الأخ مع أخته إذا ماتت الأخت وتركت أخاً، الأخ يأخذ المال كله، فهذا يسمى عصبة. الذين يحوزون المال كله هؤلاء يسمون عصبة.
أما الذي يأخذ نصيباً مقدراً في الشرع كالنصف والربع فهؤلاء يسمون أصحاب فروض. فيجب البدء بأصحاب الفروض فيُعطى كل واحدٍ منهم نصيبه المقدر له شرعاً.
أول شيء نفعله فصاحب الربع يأخذ ربع، وصاحب النصف يأخذ النصف وهكذا.
ثم ما بقي من المال بعد ذلك يعطى للعصبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأَوْلى رجل ذَكَر» (١) فبدأ بأصحاب الفروض، ثم قال: «فما بقي فلأَوْلى رجلٍ ذكر»، يعني ما يبقى من المال يأخذه العصبة، الأَوْلى منهم.
قال المؤلف: (والأخواتُ مع البَّناتِ عَصَبَةٌ)
(١) أخرجه البخاري (٦٧٣٢)، ومسلم (١٦١٥).