للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الجزية فهي قدر من المال، يؤخذ ممن دخل في ذمة المسلمين وعهدهم، من الكفار.

تؤخذ من أهل الكتاب بالقرآن قال تعالى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة/٢٩]

واختلف أهل العلم أتؤخذ من جميع المشركين أم من أهل الكتاب فقط؟ أم من أهل الكتاب والمجوس فقط؟

ظاهر حديث بريدة عند مسلم الذي تقدم، أنها عامة، تؤخذ من المشركين جميعاً، مَنْ قَبِل منهم دفعها، وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر (١)، وهم ليسوا من أهل الكتاب، فيُلحَق بهم غيرهم من المشركين. والله أعلم

قال ابن المنذر في الإشراف: واختلفوا في أخذ الجزية من سائر المشركين سوى اليهود، والنصارى، والمجوس.

فقالت طائفة: تؤخذ منهم الجزية، وإن لم يكونوا من أهل الكتاب، من عبدة الأوثان، والنيران، وكل مشبهة في الأرض، وكل جاحد ومكذب، بربوبية الرب تبارك وتعالى، والسنة فيهم أن يقاتلوا على الإِسلام، فإن هم أبوه وبذلوا الجزية قبلت منهم، ثم كانوا في حالهم وتحريم مناكحتهم، وذبائحهم وغير ذلك من أمورهم المجوس، هذا قول الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر.

قال أبو عبيد: العجم تؤخذ منهم الجزية على كل حال، قال أبو عبيد: الأمر عندنا في الصابئ على ما قال مجاهد، والحسن، والحكم، والأوزاعي، ومالك: أنهم كالمجوس.

قال أبو بكر: وكان مالك يرى أن أخذ الجزية من الفزازنة، وممن لا دين له من أجناس المشركين، والهند، وحكمهم حكم المجوس. وبه قال أصحاب الرأي.

وفي قول الشافعي، وأبي ثور لا تؤخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، أو من المجوس. انتهى

وانظر التمهيد لابن عبد البر (٢/ ١١٨).

قال المؤلف رحمه الله: (ويَحرُمُ قَتلُ النِّساءِ، والأطفالِ، والشُّيُوخِ؛ إلا لِضَرورةٍ)

قتل النساء فيحرم إذا لم يقاتلن، أما إذا قاتلن فيُقتلن.

ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد امرأة مقتولة في بعض مغازيه، فنهى عن قتل النساء والصبيان (٢). وفي حديث آخر خارج الصحيحين قال: «ما كانت هذه لتقاتل» (٣).

ما كانت هذه لتقاتل فيه إشارة إلى أن الذي يُقتَل هو الذي يقاتل، لا الذي لا يقاتل كالنساء والصبيان.


(١) أخرجه البخاري (٣١٥٧)
(٢) أخرجه البخاري (٣٠١٥)، ومسلم (١٧٤٤)
(٣) أخرجه أحمد (١٥٩٩٢)، وأبو داود (٢٦٦٩)

<<  <   >  >>