للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن هل يُقتل؟ نعم يُقتل سواء كان في جيشهم أو كان جاسوساً لهم أو غير ذلك، يقتل، هذا أقل ما يستحقه، أن يُقتَل يُعزَّر على فعله ذلك.

قال النووي رحمه الله: وأما الجاسوس المعاهد والذمي، فقال مالك والأوزاعي: يصير ناقضاً للعهد، فإن رأى استرقاقه أرقه، ويجوز قتله. وقال جماهير العلماء: لا ينتقض عهده بذلك، قال أصحابنا: إلا أن يكون قد شرط عليه انتقاض العهد بذلك.

وأما الجاسوس المسلم؛ فقال الشافعي والأوزاعي وأبو حنيفة وبعض المالكية وجماهير العلماء رحمهم الله تعالى: يعزره الإمام بما يرى من ضرب وحبس ونحوهما، ولا يجوز قتله. وقال مالك رحمه الله تعالى: يجتهد فيه الإمام، ولم يفسر الاجتهاد. وقال القاضي عياض رحمه الله: قال كبار أصحابه: يقتل، قال: واختلفوا في تركه بالتوبة، قال الماجشون: إن عرف بذلك قتل وإلا عزر. انتهى

قال المؤلف رحمه الله: (وإِذَا أَسلمَ الحَربِيُّ قَبلَ القُدرةِ عَليهِ أَحرزَ أَموالَهُ)

الحربي: هو الكافر من أهل الحرب، ليس بينهم وبين المسلمين عهد ولا أمان ولا ذمة.

هذا الحربي إذا أسلم قبل أن يقدر عليه المسلمون، يكون قد أحرز ماله، أي حفظ ماله، فلا يجوز أخذ ماله؛ لأنه صار محرماً بإسلامه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» متفق عليه.

قال المؤلف: (وإذا أَسلَمَ عَبدُ الكَافِرِ صَارَ حُرّاً)

إذا كان عند الكافر عبد، رقيق، وأسلم هذا العبد، تلقائياً يصير حراً، ويخرج من الرق؛ لمِا أخرجه أبو داود من حديث علي قال: خرج عَبدَان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -يعني يوم الحديبية قبل الصلح- فكتب إليه مواليهم- أسيادهم، مُلاكّهم - فقالوا: والله يا محمد ما خرجوا إليك رغبة في دينك، وإنما خرجوا هرباً من الرق- أرادوا أن يتخلصوا من العبودية فقط، لا رغبة الإسلام- فقال ناسٌ: صدقوا يا رسول الله رُدَّهم إليهم - ناس ممن مع النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: صدقوا فيما قالوا- فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «ما أُراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا»، وأبى أن يردهم، وقال: «هم عتقاء الله عز وجل» (١).


(١) أخرجه أبو داود (٢٧٠٠)

<<  <   >  >>