للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل على أن أي أحد من المسلمين إذا كان عاقلاً بالغاً يصح أمانه؛ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم» (١). أخرجه أبو داود

يسعى بذمتهم أدناهم، يعني يسعى بعهدهم أدناهم أقلهم، فلا فرق بين أن يكون الشخص من سادات المسلمين أو من رجالهم أو من نسائهم أو من ضعفائهم؛ كله واحد.

هذا يقيَّد بالبالغ العاقل بالاتفاق، يعني الصغير الطفل هذا لا يصلح أن يعطي الأمان، وكذلك المجنون، هذا محل اتفاق.

كان رجلاً أو امرأة، أو كان حراً أو عبداً؛ جاز أمانه؛ لعموم الحديث، أخرجنا فقط الصغير الذي لم يبلغ، والمجنون الذي لا عقل له؛ لانعقاد الإجماع على إخراجهم.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (والرَّسولُ كَالمُؤَمَّنِ)

أي مجرد أنه رسول جاء برسالة فهو آمن، حاله حال المؤمَّن؛ كأن أحداً من المسلمين أعطاه الأمان؛ لحديث ابن مسعود عند أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرسولَيْ مسيلمة: «لو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما»، وفي رواية: «والله لولا أن الرسل لا تُقتل لضربت أعناقكما» (٢).

هذا يدل على أن الرسول كأنه مؤمَّن، لا فرق بينه وبين المؤمَّن.

قال المؤلف: (وتَجوزُ مُهادَنةُ الكُفارِ ولو بِشَرطٍ، وإلى أَجلٍ أَكثَرُهُ عَشرُ سِنينَ، ويَجوزُ تَأبيدُ المُهادَنَةِ بِالجِزيَةِ)

المهادنة: المصالحة، وليست المداهنة، بينهما فرق، المهادنة غير المداهنة.

المداهنة: ترك إنكار المنكر إجلالاً لصاحبه وتقرباً منه. هذه المداهنة، ليست موضوعنا، ذكرناها ليحصل التفريق، ويزول اللبس.

ترْك إنكار المنكر إجلالاً لصاحبه وتقرباً منه، هذه المداهنة.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أحمد (٣٧٠٨)، وأبو داود (٢٧٦٢)

<<  <   >  >>