للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا أصح الأقوال فيها، وهو الذي رجحه بعض المحققين من أهل العلم.

وتؤخذ من المقاتِلة، أي الذين يقاتلون، لا تؤخذ من النساء والأطفال والعبيد؛ لأنهم لا يقاتلون، ولا تؤخذ من فقير لا يقدر عليها.

وهؤلاء الذين تؤخذ منهم الجزية يسمون أهل ذمَّة.

قال المؤلف رحمه الله: (ويُمنَعُ المُشرِكُونَ وأَهلُ الذِمَّةِ مِنَ السُّكُونِ مِن جَزيرةِ العَرَبِ)

كذا قال: السكون من جزيرة العرب، واعترض الشيخ أحمد شاكر على هذا التعبير، قال: لا يصح أن يقال: السكون من جزيرة العرب، الصواب أن يقال: السكون في جزيرة العرب.

المراد بالسكون: السكن، يعني يُمنع المشركون وأهل الذمة من السكن في جزيرة العرب، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته عند موته، «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب» (١) متفق عليه.

وقال: «لأُخرجنّ اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلماً» (٢) أخرجه مسلم.

ولكن اختلف أهل العلم في المكان الذي يجب أن يُخرجوا منه، هل هو الجزيرة كاملة من الخليج العربي إلى البحر الأحمر، ومن المحيط إلى العراق والشام؟ أم المقصود الحجاز فقط؟ وهي: مكة والمدينة والطائف وما حولها.

حصل خلاف بين أهل العلم في ذلك، والذي ذهب إليه الجمهور هو الصواب، وهو أن الحجاز فقط لا جميع الجزيرة؛ لأن عمر رضي الله عنه عندما عمل بهذا الحديث أخرجهم من الحجاز خاصة، عندما أخرجهم أخرجهم إلى تيماء وأخرجهم إلى أريحاء، أريحاء بالشام، لكن تيماء من ضمن الجزيرة الكاملة الكبيرة، فلما أخرجهم عمر إلى تيماء، دل ذلك على أنهم لم يفهموا من الجزيرة المعنى العام، إنما فهموا من ذلك الحجاز، وهذا الذي ذهبوا إليه هو مذهب جمهور العلماء، كما ذكر الحافظ في الفتح.

قال ابن قدامة: وجزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن. قاله سعيد بن عبد العزيز. وقال الأصمعي وأبو عبيد: هي من ريف العراق إلى عدن طولاً، ومن تِهامَة وما وراءها


(١) أخرجه البخاري (٣١٦٨)، ومسلم (١٦٣٧)
(٢) أخرجه مسلم (١٧٦٧)

<<  <   >  >>