للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما البدن فلما ورد من أدلة تدل على وجوب التنظف من النجاسات، كحديث الذي يعذب في قبره، لأنه لا يستنزه من البول، وأحاديث الأمر بالاستنجاء والاستجمار، وغيرها من الأحاديث، وتنظيفه أولى من تنظيف الثوب.

وأما وجوب نظافة المكان، فلأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بسكب الماء على بول الأعرابي الذي بال في المسجد (١).

ولكن، لا يخفى أن هذه الأدلة تدل على وجوب التطهر من النجاسات للصلاة، وأما الشرطية فأمر زائد على الوجوب لا يثبت بمجرد الأمر.

والفرق بينهما، أننا إذا قلنا بالوجوب وليس بالشرطية فنقول من صلى في النجاسة فصلاته صحيحة ولكنه آثم مع علمه بها.

وأما إذا قلنا بالشرطية فتكون صلاته باطلة.

والشيء إذا كان شرطاً دل على الوجوب وزيادة، وما دل على الوجوب فلا يدل على الشرطية.

وتثبت الشرطية، بدليل يدل على أن المشروط يعدم بعدمه، كمثل نفي القبول في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» (٢).

أو بنفي ذات العبادة مثل قوله «لا صلاة بغير طهور» (٣)، وقولنا مثلاً: لا صلاة لمن صلى في مكان متنجس، فإن فيه نفياً للصلاة.

أو بنهي خاص بالصلاة.

أو إجماع على الشرطية.

ولا يوجد شيء من ذلك في هذا الباب يدل على شرطية طهارة الثوب أو البدن أو المكان في الصلاة، بل حديث أبي سعيد المتقدم يدل على صحة صلاة من صلى في نعل متنجّس وهذا يدل على عدم الشرطية، ولو كان شرطاً لما أثر عدم علمه بالحكم، والمالكية على ما ذكرنا.


(١) أخرجه البخاري (٢١٩)، ومسلم (٢٨٥) عن أنس - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٦٩٥٤)، ومسلم (٢٢٥) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) أخرجه مسلم (٥٢٤) عن ابن عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>