للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال المؤلف - رحمه الله -: (وسَتْرُ عَوْرَتِهِ)

العورة لغة، مأخوذة من العور وهو النقص والعيب، وسميت بذلك، لقبح ظهورها ولِغَضِّ الأبصار عنها.

وشرعاً، ما يطلب ستره.

وأما حدّها، فاتفق العلماء على أن الفرج - وهو القُبُل - والدبر عورة.

قاله ابن حزم في «مراتب الإجماع».

واختلفوا فيما بين السرّة والركبة للرجل هل هي عورة أم لا؟

فالذين قالوا ما بين السرّة والركبة عورة، احتجوا بحديث ابن عباس وجرهد ومحمد بن جحش وغيرهم (١)، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الفخذ عورة»، وفي رواية: «ما بين السرّة والركبة عورة».

فأما حديث «ما بين السرّة والركبة عورة»، فضعيف لا يصحّ (٢).

وأما بقية الأحاديث التي فيها ذكر الفخذ، فصحيحة بالجملة.

فعلى ذلك، فالسرّة والركبة ليستا عورة على الصحيح، فيبقى الفخذ.

حديث جرهد يدل على أن الفخذين عورة، خالفه حديث أنس المتفق عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان راكباً وكذا أنس وأبو طلحة، فحسر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن فخذه، قال أنس: حتى أني لأنظر إلى بياض فخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

قال البخاري: «حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط» ليخرج من اختلافهم.


(١) أخرجه الترمذي (٢٧٩٦)، والبيهقي (٣٢٣١) عن ابن عباس، وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٩٩) عن محمد بن جحش، وأخرجه الترمذي (٢٧٩٧) عن جرهد الأسلمي.
وهي عند البخاري عنهم جميعاً معلقة.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٩٦) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ٥٦٨)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (٧٧٦١) عن عبد الله بن جعفر، وأخرجه الحارث بن أبي أسامة (البغية ١٤٣) عن أبي سعيد الخدري. لمعرفة علة الأحاديث انظر البدر المنير (٤/ ١٥٨).
(٣) أخرجه البخاري (٣٧١)، ومسلم (١٣٦٥) عن أنس - رضي الله عنه - في حديث طويل.

<<  <   >  >>