للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"إن مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة أو الفئات الخاصة* هو أفضل وأعم من مصطلح المعاقين، لأن مصطلح معاقين يدل على الإعاقة الاجتماعية لفئات مثل: المجرمين الكبار، والمسجونين، والأحداث، المشردين، والمجانين، والمدمنين". (١)

والأولى بنا أن نختار المصطلحات والأسماء التي لها معان حسنة وآثار ايجابية، كما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، كما في اطلاق اسم المدينة المنورة على يثرب.

"عن ابي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أُمرتُ بقرية تأكلُ القُرى*، يقولونَ يثرِب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد) ". (٢) فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيَّر اسم يثرب الى اسم المدينة لأن اسم يثرب يعطي معنى سلبيا فيثرب من التثريب وهو الملامة والتوبيخ.

(فروي عن عائشة رضي الله عنها، أَن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان يغير الاسم القبيح). (٣)

" (وعن أُسامة بن أَخدري، أَن رجلا من بني شَقِرة يقال له أَصْرَمُ، كان في النفر الذين أتو النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاه بغلام له حبشي اشتراه بتلك البلاد، فقال يا رسول الله اني اشتريت هذا فأحببت أن تسميه وتدعو له بالبركة، قال: ما اسمك؟ قال: أَصْرَمُ. قال: أنت زرعة) ". (٤)

قلت: إِنما غير اسم الأصرم، لأَن معنى الصرم القطيعة، فكره لهذا، وغير النبي - صلى الله عليه وسلم - اسم العاص وعزيزا وعتلة وشيطانا والحكم وغرابا وحبابا وشهابا، فَسماهُ هشاما، وسمى حَربًا سلما، وسمى المضطجع المنبعث، وأَرض تسمى عفره سماها خضره، وشعب الضلالة سماهم بني الرشد، وسمى بني مغواه بني رشد. (٥)

ومما اشتهر بين أفراد المجتمع الإسلامي، أنهم كانوا ينادون أصحاب الاحتياجات الخاصة بنقيض ما أصيبوا به مراعاة لمشاعرهم وأحاسيسهم، فيقولون عن الأعمى: فلان البصير، قال تعالى: { ... فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦)} [الحج: ٤٦]


(١) - أبو النصر، مدحت محمد، تأهيل ورعاية متحدي الإعاقة، مصر الجديدة، ايترك للنشر والتوزيع، ط ١، ٢٠٠٤ م، ص ٨.
*- ورد مصطلح الفئات الخاصة بدل ذوي الاحتياجات الخاصة في كتاب الإعاقة الجسمية للمؤلف ننفسه.
(٢) - البخاري، صحيح البخاري، (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه)، كتاب فضائل المدينة، باب فضل المدينة وأنها تنفي الناس، ج ٣، ص ٢٠، حديث رقم ١٨٠٧١.
(٣) - الترمذي، ابو عيسى محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك، (توفي: ٢٧٩ هـ)، سنن الترمذي، تحقيق: أحمد شاكر ومحمد فؤاد عبد الباقي وابراهيم عطوة عوض، مصر، شركة مكتبة ومطبعة مصطفي البابي الحلبي، ط ٢، ١٣٩٥ هـ-١٩٧٥ م، أبواب الأدب، باب ما جاء في تغيير الأسماء، ج ٥، ص ١٣٥، حديث رقم ٢٨٣٩، حكم الألباني صحيح.
*"أمرت بقرية": أي أمرت بالهجرة الى المدينة، "تأكل القُرى": أي تغلبها وتظهر عليها. (المباركفوري، أبو الحسن عبد الله بن محمد عبد السلام بن خان، (توفي: ١٤١٤ هـ)، مراعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، بنارس-الهند، ادارة البحوث العلمية والدعوة والاقتناء-الجامعة السلفية، ط ٣، ١٤٠٤ هـ-١٩٤٨ م، ج ٩، ص ٥٢٩.)
(٤) - الحاكم، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري، (توفى: ٤٠٥ هـ)، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤١١ هـ-١٩٩٠ م، كتاب الأدب، باب وأما حديث سالم بن عبيد النخعي في هذا الباب، ج ٤، ص ٣٠٧، حديث رقم ٧٧٢٩، تعليق الذهبي عل الحديث صحيح.
(٥) - انظر؛ البغوي، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء، (توفي: ٥١٦ هـ)، شرح السنة، كتاب الاستئذان، باب تغيير الأسماء، تحقيق شعيب الأرنؤوط، ومحمد زهير الشاويش، دمشق، وبيروت، المكتب الإسلامي للنشر، ط ٢، ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م، ج ١٢، ص ٣٤٣.