للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا زالت بعض البلاد العربية كالعراق مثلا تستخدم كلمة البصير للدلالة على الكفيف. وفي هذا الاستعمال ما يوحي بأن الناس يستعملونها بقصد الايماء بأن الكفيف رغم أنه فقد بصره، فبصيرته متفتحة (١).

وينادون المشلول يا غلام، أي: يا صاحب النشاط والحركة كالغلام، " ويُقَال لمن لدغه ذَوَات السمُوم سليم على معنى التفاؤل بسلامته" (٢).

وكان العرب قبل الاسلام يحرصون على الأسماء التي فيها التفاؤل ويبتعدون عن الأسماء السلبية، قال الأصمعيّ: "إِنما سُمِّي اللّديغ سَليماً لأنهم تَطَيَّروا من اللّدِيغ، فقلبوا المعنى، كما قالوا للحبَشي: أَبو البيضاء، وكما قالوا للفلاة: مَفازَة، تفاءلوا بالفوز وهي مَهلَكة". (٣)

ولا زال مِن المسلمين مَن يستخدم هذه المصطلحات، فَيُسمون المراكز والمؤسسات التي تُعنى برعاية هذه الفئة من الناس أسماء ايجابية، فالمركز الذي يرعى الجانب الحركي يطلقون عليه مركز الإرادة، ومركز النور لرعاية الجانب البصري، ومركز الأمل للأمراض المستعصية، وذلك دعما لمعنوياتهم، ورفعا لهممهم، وتفاؤلا بمعافاتهم.

فهذا أطيب لقلوبهم وأزكى لنفوسهم، فهم بذلك يدركون أن من حولهم يقدرون ذواتهم التي خلقها الله، وصورها كيفما شاء، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٦)} [آل. عمران: ٦].

وقال تعالى: {الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨)} [الانفطار: ٨]


(١) - انظر؛ ابراهيم، د. مجدي عزيز، مناهج تعليم ذوى الاحتياجات الخاصة، القاهره، مكتبة الأنجلو المصرية، ٢٠٠٣ م، ص ٤٨٩.
(٢) - أبو الفضل، عياض بن موسى بن عياض بن عمرو اليحصبي السبتي، (توفي: ٥٤٤ هـ)، مشارق الأنوار على صحاح الآثار، المكتبة العتيقة ودار التراث، ج ٢، ص ٢١٨.
(٣) - الأزهري، أبو منصور محمد بن أحمد، (توفي: ٣٧٠ هـ)، تهذيب اللغة، تحقيق محمد عوض مرعب، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط ١، ٢٠٠١ م، ج ١٢، ص ٣١١.