للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز التعدي عليه، وأن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حثنا على إزالة كل ما يؤذي المارة، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ) (١).

فالله عز وجل جعل الأرض سهلة للتنقل فيها، فلا بد من إزالة الحواجز أو المعيقات المادية أو المعنوية من أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، والمعيقات المعنوية هي نظرة الآخرين لذوي الاحتياجات الخاصة عندما يتنقلون أو يسافرون، وهذه النظرة إما أن تكون نظرة شفقة لذوي الاحتياجات الخاصة فهي نظرة تؤلمهم وتحد من حركتهم، أو تكون نظرة تساؤلية فيها استنكار لخروجهم من بيوتهم وتحركاتهم في قضاء حوائجهم أو أسفارهم، لماذا يَخرجون؟ ولماذا يَتعبون؟ أليس من الواجب أن يجلسوا في بيوتهم؟ فهذه نظرة تقلقهم وتحد من حريتهم في التنقل، فتحبطهم وتضعف الثقة في نفوسهم.

فعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنهم -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: (إياكم والجلوسَ على الطرُقات)، فقالوا: ما لنا بُدٌّ، إنما هي مجالسنا نتحدّثُ فيها، قال: فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غضُّ البصر، وكفُّ الأَذى، وردُّ السلام، وأمرٌ بالمعروف، ونهيٌ عن المُنكَر). (٢)

ومن الحرية الحق في اختيار العمل أو الوظيفة أو قبول ذلك بحرية، ويعني ذلك الحق لكل واحد من ذوي الاحتياجات الخاصة في اختيار العمل الذي يتناسب مع ميوله ورغباته وقدراته، من أجل تحقيق ذاته، وهذا ما يعرف بحرية العمل، فلا يجبر ولا يكره على عمل لا يريده، لذلك لابد من توافر فرص العمل، حتى يمكن لذوي الاحتياجات الخاصة، أن يختاروا من بينها ما يناسبهم لكسب رزقهم كغيرهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ (١٠)} [الأعراف: ١٠].

قال البغوي: "المراد مِنَ التمْكين التمليكُ والقُدرةُ، وجعلنا لكم فيها معايش، أَي: أَسبابا تعيشون بها أَيام حياتكُم مِنَ التِّجارات والمكاسب والمآكل والمُشارِبِ". (٣)

ففي هذا التمليك وأسباب المعيشة التي سخرها الله تعالى للخلق من وظائف وأعمال، فرص أمام ذوي الاحتياجات الخاصة لاختيار ما يناسبهم كغيرهم من أهل العافية.


(١) - ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ التميمي أبو حاتم الدارمي البُستي، (توفي: ٣٥٤ هـ)، صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة للنشر، ط ٢، ١٤١٤ هـ-١٩٩٣ م، فصل من البر والاحسان، ذكر بيان الصدقة للمرء بإرشاد الضال وهداية غير المبصر، ج ٢، ص ٢٨٦، رقم الحديث ٥٢٩، حكم الالباني حسن صحيح.
(٢) - البخاري، صحيح البخاري، كتاب المظالم والغصب، باب أَفنية الدور والجلوس فيها والجلوس على الصعدات، ج ٣، ص ١٣٢، حديث رقم ٢٤٦٥.
(٣) - البغوي، معالم التنزيل في تفسير القرآن، ج ٢، ص ١٨١.