للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إِلَيْهِ، يَقُومُ مَقَامَ حَدِيثٍ تَامٍّ. فَلَا بُدَّ مِنْ إِعَادَةِ الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ مَا وَصَفْنَا مِنَ الزِّيَادَةِ. أَوْ أَنْ يُفَصَّلَ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ جُمْلَةِ الْحَدِيثِ عَلَى اخْتِصَارِهِ (١) إِذَا أَمْكَنَ. وَلَكِنْ تَفْصِيلُهُ رُبَّمَا عَسُرَ مِنْ جُمْلَتِهِ. فَإِعَادَتُهُ بِهَيْئَتِهِ، إِذَا ضَاقَ ذَلِكَ، أَسْلَمُ.

فَأَمَّا مَا وَجَدْنَا بُدًّا مِنْ إِعَادَتِهِ بِجُمْلَتِهِ، مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنَّا إِلَيْهِ، فَلَا نَتَوَلَّى فِعْلَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

فَأَمَّا القِسْمُ الأَوَّلُ، فَإِنَّا نَتَوخَّى (٢) أَنْ نُقَدِّمَ الأَخْبَارَ الَّتِي هِيَ أَسْلَمُ مِنَ الْعُيُوبِ مِنْ غَيْرِهَا وَأَنْقَى (٣) مِنْ أَنْ يَكُونَ نَاقِلُوهَا أَهْلَ اسْتِقَامَةٍ فِي الْحَدِيثِ، وَإِتْقَانٍ لِمَا نَقَلُوا. لَمْ يُوجَدْ فِي رِوَايَتِهِمُ اخْتِلَافٌ شَدِيدٌ. وَلَا تَخْلِيطٌ فَاحِشٌ. كَمَا قَدْ عُثِرَ (٤) فِيهِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ المُحَدِّثِينَ. وَبَانَ ذَلِكَ في حديثهم.

فإن نَحْنُ تَقَصَّيْنَا (٥) أَخْبَارَ هَذَا الصِّنْفِ مِنَ النَّاسِ، أتبعنا أَخْبَارًا يَقَعُ فِي أَسَانِيدِهَا بَعْضُ مَنْ لَيْسَ بِالْمَوْصُوفِ بِالْحِفْظِ والإِتْقَانِ. كَالصِّنْفِ الْمُقَدَّمِ قَبْلَهُمْ. عَلَى أَنَّهُمْ، وَإِنْ كَانُوا فِيمَا وَصَفْنَا دُونَهُمْ، فَإِنَّ اسْمَ السَّتْرِ (٦) وَالصِّدْقِ وَتَعَاطِي الْعِلْمِ يَشْمَلُهُمْ (٧) كَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَيَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَأَضْرَابِهِمْ (٨)، مِنْ حُمَّال الآثَارِ ونقال الأخبار.


(١) (اختصاره) الاختصار هو إيجاز اللفظ مع استيفاء المعنى. وقيل رد الكلام الكثير إلى قليل فيه معنى الكثير. وسمي اختصارا لاجتماعه
(٢) (نتوخى) معناه نقصد. يقال توخى وتأخى وتحرى وقصد بمعنى واحد
(٣) (وأنقى) معطوف على قوله أسلم. وهنا تم الكلام. ثم ابتدأ بيان كونها أسلم وأنقى فقال: من أن يكون ناقلوها الخ
(٤) (عثر) أي اطلع. من قول الله تعالى: فإن عثر على أنهما استحقا إثما
(٥) (تقصينا) معناه أتينا بها كلها. يقال اقتص الحديث، وقصه، وقص الرؤيا؛ أتى بذلك الشيء بكماله
(٦) (الستر) هو بفتح السين، مصدر سترت الشيء أستره سترا. ويوجد في أكثر الروايات والأصول مضبوطا بكسر السين. ويمكن تصحيح هذا على أن الستر يكون بمعنى المستور. كالذبح بمعنى المذبوح ونظائره
(٧) (يشملهم) أي يعمهم. وهو بفتح الميم على اللغة الفصيحة. ويجوز ضمها في لغة
(٨) (وأضرابهم) فمعناه أشباههم. وهو جمع ضرب. قال أهل اللغة: الضريب، على وزن الكريم، والضرب وهما عبارة عن الشكل والمثل. وجمع الضرب أضراب، وجمع الضريب ضرباء. ككريم وكرماء

<<  <  ج: ص:  >  >>