للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من البصريين إلى أن الواو هي الناصبة بنفسها؛ لأنها خرجت عن باب العطف (١).

ومن ذلك القول بزيادة الواو:

- ففي قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ} [الصافات: ١٠٤] قال المؤلف: قال الفراء وغيره: الواو مُقحَمةٌ زائدةٌ، ومعناه: ناديناه، جوابًا لقوله: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} وهو كقوله: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: ٧١]، وكقوله: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ} [يوسف: ١٥].

فذكر قول الفراء ولم يذكر غيره، وهو مذهبٌ كوفي، ومذهبُ البصريين أن يقدَّر في هذه الآيات محذوفٌ يُعرفُ مِن سياق الكلام، وتكونُ الواوُ عاطفةً عليه كما هو الأصلُ فيها، فقدَّروا في هذه الآية جوابَ "لما": سُعِدَا وأَجزلَ لهما الثواب، ونحوَه من التأويلات، قالوا: والقول بالتقدير خيرٌ من الحكم بالزيادة، لا سيما في كتاب اللَّه تعالى (٢).

أمَّا الفوائدُ النحويةُ عند المؤلِّف فأكثرُ من أن تُحصى:

- فمن ذلك كلامُه في أولِ سورةِ البقرة عن (الذين) حيث قال: وأصلُه: (اللذِينَ) بلامينِ؛ إحداهما: لامُ التعريف، والثانية: لامُ (لذ)، وإنما اكتُفي في الكتابة بواحدةٍ تخفيفًا لكثرة الاستعمال، ولهذا تُكتب في التَّثنية في (اللذانِ) بلامين؛ لأنه لم يَكثر استعمالُه.

ثم قال: وإنما لم يُعرب لأنه موصولٌ لا يَتمُّ إلا بصلته، فصار لفظُه كأنه بعضُ الكلمة، ولا إعرابَ إلا لتمامِ الكلمة في آخرها، فأمَّا (اللَّذانِ) في التثنية فإنما أُعرب -


(١) انظر: "الإنصاف في مسائل الخلاف" لابن الأنباري (٢/ ٤٥٢).
(٢) انظر: "إعراب القرآن" للنحاس (٣/ ٢٩٢)، و"الدر المصون" للسمين الحلبي (٩/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>