للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[سورة البقرة]

(٢٦) - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} انتظامُ هذه الآية بما قَبْلها مِن ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: أنَّ اللَّهَ تعالى ذَكَرَ الكفَّار في أوَّل هذه السورةِ، ودَعَاهم إلى الإيمان بقوله تعالى: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ}، وأَقام الدلالةَ عليه بتخليقه الأشياءَ، وأَثبتَ رسالةَ نبيِّه (١) وحقِّيَّةَ (٢) كتابه، وعَجْزَ أصنامهم؛ إذ قال: {وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٣] ولم يُمْكِنْهم ذلك، فعرَّفهم عَجْزَ الأصنام فقال: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ} الآية [العنكبوت: ٤١]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا} [الحج: ٧٣] فقال السفهاءُ منهم: ليس هذا مِن كلام اللَّه تعالى، فلا يليقُ بجلاله (٣) ذِكْرُ هذه الأشياء الحقيرة، فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} وهو العنكبوتُ والذُّباب.


(١) بعدها في (ر): "محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-".
(٢) في (ر): "وحقيقة".
(٣) في (أ) و (ف): "بحاله".