ويأذنوا له بالدُّخولِ، فقال الشَّيخ: مَن ذا الذي يدقُّ الباب؟ فقال: عمر، فقال جَار اللَّه: انْصَرِفْ، فقال نجم الدِّين: يَا سَيِّدي عمر لا ينْصَرف، فقال الشَّيخ: إِذا نكِّر ينْصَرف.
كذا وقعت القصةُ، ولم أجدْ مَن زاد عليها، وليس فيها أيُّ شيءٍ عن لقائهما، وإن كان قد تمَّ أم لا، لكنَّ الظاهر أن اللقاء قد حصَل؛ لأنه مِن غيرِ المعقول أن يصل إلى بابه ولا يلتقي به، ويبدو أن تلك كانت دعابةً من الزمخشريِّ، وكان يَعلمُ بالجواب مسبقًا، ولعل معرفةً جمعَتْهُما قبلَ ذلك، أو أنَّ الزمخشري سمع بهذا العلَّامة وعرف أنه في الحج معه وأنه سوف يَقدمُ لزيارته، واللَّهُ أعلم.
٤ - شيوخه:
لقد نهلَ العلَّامة نجم الدِّين من كبار علماء عصره، والمقدَّمين في ناحيته ومصره، فتشرَّب زبدةَ العلوم، ونهل من خُلاصة أهل العقول والفهوم، وكانوا في كثرةِ عددهم كما هم في سعةِ علومهم، وكثيرٌ منهم ممن ذاعَ صيتُه، وانتشرت في الأنام علومُه.
قال صاحب "الهداية": سَمِعتُ نجمَ الدِّين عمرَ يقول: أنا أروي الحديث عن خمس مئةٍ وخمسين شيخًا، قال: وقد جمع أسماءَ مشايخه في كتاب سَمَّاهُ "تعداد الشُّيُوخ لعمر مستطرفٌ على الحروف مستَطَر" رحمه اللَّه تعالى.
ومِن أجلِّ شيوخه:
١ - عليُّ بنُ محمدِ بنِ الحُسَين بنِ عبد الكرِيم بنِ مُوسى بن عِيسى بن مجاهدٍ، أبو الحسن، المعروفُ بفَخْر الإسلام البَزْدَوِيِّ، الفقيهُ الإمامُ الكبير بما وراءَ النَّهر، أخو القاضِي محمدٍ أبي اليُسْر. توفِّي في رجب سنة (٤٨٢ هـ)، ومن تصانيفه "المَبْسُوط"، و"شرح الجامع الكبير والجامع الصَّغير" وله في أصول الفقه كتاب كبير مشهور ومفيد، رحمه اللَّه تعالى.