باسمِ اللَّهِ الذي غفَرَ لرسوله ما تقدَّمَ مِن ذَنْبه وما تأخَّر، وأتمَّ نعمتَه عليه، وهداه صراطًا مستقيمًا، الرَّحمنِ الذي له مُلْكُ السماوات والأرض، يغفِرُ لمن يشاء ويُعذِّبُ مَن يشاء، وكان اللَّه غفورًا رحيمًا، الرَّحيمِ الذي وعَدَ الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا.
وروى أبيُّ بن كعب رضي اللَّه عنه عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال:"مَن قرأ سورةَ الفَتْحِ كان له مِن الأجر كأنما كان مِمَّن بايعَ محمدًا تحت الشجرة"(١).
وهذه السورة مدنيَّةٌ، وهي تسعٌ وعشرون آيةً، وخمسُ مئةٍ وستون كلمةً، وألفان وأربعُ مئةٍ وأحدٌ وعشرون حرفًا.
وانتظامُ آخرِ تلك السورة بأوَّل هذه السورة: أنَّه حثَّ في آخر تلك المؤمنين على الجهاد والإنفاق في ذلك، وافتتَحَ هذه السورةَ بذِكْر ما يَتْبَعُه مِن الفُتوح، وما يتَّصِلُ به مِن الكرامات لرسوله والمؤمنين بذلك.
وانتظامُ السورتين: أنَّ تلك في ذِكْر الذين كفروا وصَدُّوا عن سبيل اللَّه، وهذه
(١) رواه الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٣١٨)، والواحدي في "الوسيط" (٤/ ١٤٩) بلفظ: "فكأنما شهد مع محمد فتح مكة"، والمستغفري في "فضائل القرآن" (١٢١٥) واللفظ له، وهو قطعة من الحديث الموضوع المروي عن أبي بن كعب رضي اللَّه عنه. انظر: "الفتح السماوي" للمناوي (٣/ ٩٩٩).