للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السورةُ في بيان صَدِّهم رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- والمؤمنين عامَ الحُدَيْبِيَةِ عن المسجد الحرام، وما نزَلَ فيه مِن المواعيد على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

* * *

(١) - {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.

قولُه تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}: ذُكِرَ أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خرَجَ سنة ستٍّ مِن الهجرة في ذي القَعْدة يُريدُ العمرةَ ولا يُريدُ حَرْبًا، وخرَجَ معه المهاجرون والأنصار وكثيرٌ مِن قبائل العرب، وساقَ معه الهَدْيَ، وأحرَمَ مِن ذي الحُلَيْفة (١) لِيُعْلِمَ الناسَ أنه ما خرجَ مُحاربًا، وإنما خرَجَ زائرًا للبيت ومُعَظِّمًا له، فلما انتهى إلى ثَنِيَّةِ مُرَارٍ (٢) التي يُهْبَطُ منها على الحُدَيْبِيَةِ، برَكَتْ ناقةُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال الناس: خَلَأَتِ العَضْباءُ (٣)، خلَأَتِ العَضْباءُ وبرَكَتْ، فقال: "واللَّهِ ما خلَأَتْ، وما ذلك لها بخُلُقٍ، ولكنْ حبَسَها حابِسُ الفيل عن البيت، واللَّهِ لا تسألُني قريشٌ خُطَّةً فيها تعظيمُ البيت إلا أجَبْتُهم إليها، فلما قال هذا القولَ انبعثَتِ (٤) العَضْباءُ، ونزَلَ بالحُدَيْبِيَةِ (٥).


(١) ذو الحُلَيفة: قرية قرب المدينة، ومنها ميقات أهلها ومن حاذاها، تسمى حاليًا بأبيار علي. انظر: "معجم البلدان" (٢/ ٢٩٥).
(٢) كذا ضبطها أبو إسحاق الحربي فيما نقله عنه البكري في "معجم ما استعجم" (٤/ ١٢٠٥).
(٣) الخِلاء في الإبل كالحِران في الدواب، يقال: خلأت الناقة تخلأ؛ إذا بركت ولم تبرح مكانها. انظر: "تهذيب اللغة" (٧/ ٢٣٦).
والعَضْباء: اسم ناقة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو علم منقول من قولهم: ناقة عَضْباء؛ أي: مشقوقة الأذن. انظر: "النهاية" لابن الأثير (مادة: عضب).
(٤) في (ر): "انتهضت".
(٥) رواه البخاري مطولًا (٢٧٣١)، والطبري في "تفسيره" (٢١/ ٢٩٦)، من حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم.