للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: لما كان بعُسْفانَ (١) لَقِيَه بشرُ بن سفيانَ الكَعْبِيُّ، فقال: يا رسولَ اللَّه، هذه قريش قد سمِعَتْ بمَسيركَ، فخرجوا ومعهم العُوذُ المَطافيلُ (٢)، وقد لبِسوا لك جُلودَ النَّمِر، يُعاهدون اللَّهَ تعالى لا تدخُلُها عليهم أبدًا، وهذا خالد بن الوليد في خَيْله قد قدَّموه إلى كُراع الغَميم (٣)، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا وَيْحَ قريشٍ، ماذا عليهم لو ماددتُهم مُدَّةً وخلَّوا بيني وبين سائر العرب، فإنْ هم أصابوني كان ما أرادوا، وإنْ أظهرَني اللَّه عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإنْ لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوةٌ، فما تظنُّ قريشٌ؟! فوَاللَّهِ لا أزال أُجاهدُهم (٤) على الأمر الذي بعثَني به حتى يُظْهِرَه اللَّه".

ثم قال: "مَن يسلُكُ بنا غير طريقهم؟ "، فسَلَكَ بهم رجلٌ مِن أسلَمَ طريقًا وَعِرًا أخرجهم على (٥) مَهْبَطِ الحُدَيْبِيَةِ، فنزَلَ بَطْنَ الحُدَيْبِيَة، ثم قال للناس: "انزلوا"، فقيل: يا رسولَ اللَّه، ما بالوادي ماءٌ ينزِلُ عليه الناسُ، فأخرجَ سَهْمًا مِن كِنانته، فأعطاه رجلًا مِن أصحابه، فنزلَ في قَليبٍ (٦). . . . . .


(١) عسفان: منهلة يستقى منها الماء ما بين الجحفة ومكة، سميت بذلك لتعسف السيل فيها. انظر: "معجم البلدان" (٤/ ١٢١).
(٢) جمع المُطْفِل: هي الناقة القريبة العهد بالنتاج معها طفلها، والعُوذ: جمع عائذ، وهي الناقة إذا وضعت، والمقصود: أنهم جاؤوا بأجمعهم كبارهم وصغارهم. انظر: "النهاية" لابن الأثير (مادة: عوذ وطفل).
(٣) موضع بين مكة والمدينة، وقيل: قرب المدينة بين رابغ والجحفة، له ذكر كثير في الحديث والمعازي. انظر: "معجم البلدان" (٤/ ٢١٤).
(٤) في (أ): "أقاتلهم".
(٥) في (ف): "عن".
(٦) القليب: هو البئر التي لم تطو، ويذكر ويؤنث. انظر: "النهاية" لابن الأثير (٤/ ٩٨).