للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الصحابةِ، فكانت نسبتُها إليهم تشير إلى مصدرها، ومن أين جاءت، وأن الرواية الإسلامية بريئة منها (١).

قلتُ: ولعل هذا يفسِّرُ كونَ بعضِ هذه الأخبار قد رُويت في كتبٍ تُنسبُ لأئمةٍ كبارٍ من أهل الحديث عُرف عنهم التحرِّي في الأخبار، ككتاب "الزهد" للإمام أحمد، و"تفسير الطبري"، و"تفسير ابن أبي حاتم"، فقد رُوي فيها بعضُ أخبارِ وهبٍ التي لا غبارَ على أنها مما أخذه عن الإسرائيليات، كقصةِ أيوبَ التي وردت عند الطبريِّ في أكثرِ من عشر صفحات، ولم يتعقَّبها بشيءٍ، وكقصةِ موسى التي وردت أيضًا مطوَّلةً في "الزهد" للإمام أحمدَ، وسيأتي العزوُ لهذين المصدرينِ في الكتاب في مواضعه إن شاء اللَّه، فما أورده المؤلف كذلك منسوبًا لمَن ذكرْنا لا يَحطُّ من قيمةِ الكتاب كما لم يحطَّ ذلك من تلك الكتب، نعم قد يكونُ في الإكثار منها ما يؤخذ عليه.

وتبقى الطامَّة في الكثيرِ من الإسرائيليَّاتِ الذي جاء موقوفًا على الصَّحابة، ومنسوبًا إليهم رضي اللَّه عنهم، فيظنُّ مَن لا يعلمُ حقيقةَ الأمر، ومَن ليس مِن أهل العلمِ بالحديث، أنها متلقَّاةٌ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لأنَّها من الأمورِ التي لا مجالَ للرأي فيها.

وأمَّا الطامَّةُ الأكبرُ والأعظمُ والأخطرُ فهي أن بعض الزنادقة والوضَّاعين وضعفاءِ الإيمانِ قد رفَعوا هذه الإسرائيلياتِ إلى المعصومِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ونَسبوها إليه صراحةً، وهنا يكون الضررُ الفاحشُ والجنايةُ الكبرى على الإسلام، والتجنِّي الآثمُ على النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنَّ نسبة الغلط أو الخطأ أو الكذبِ إلى الراوي أيًّا كان أهونُ بكثيرٍ من نسبة ذلك إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢).


(١) أنظر: "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" لمحمد أبو شهبة (ص: ٩٤).
(٢) انظر: "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" لمحمد أبو شهبة (ص: ٩٤ - ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>