للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أصبتَ وأحسنتَ، وإنْ حفظتَ سرَّنا عن دخول الوسائط بيننا، فقد صُنْتَ شروطَ الوداد، وشيَّدت مِن بناء الوصلةِ العماد (١).

وقوله تعالى: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} قرأ ابنُ كثير وأبو عمرو وعاصمٌ في رواية أبي بكر: {ونُكفِّرُ} بالنون والرَّفع، ويكون إخبارًا عن اللَّه تعالى عن نفسِه بكلمة الجمع، وهو بيانُ العَظَمة، كما في قوله: {إِنَّا نَحْنُ} في مواضع، ويكون مستأنَفًا غيرَ معطوفٍ على جواب الشرط.

وقرأ نافع وحمزة والكسائي: {ونُكفِّرْ} بالنون والجزم على جواب الشرط، وتقديره: وإنْ تُخفوها وتُؤتوها الفقراء يَكن خيرًا لكم، ونُكفِّرْ نحنُ (٢) مِن سيئاتِكم بذلك.

وقرأ ابنُ عامر وعاصمٌ في رواية حفصٍ {وَيُكَفِّرُ} بالياء والرفع (٣)، وتقديره: واللَّهُ يُكفِّر بذلك مِن سيئاتكم.

ودخول (مِن) للتبعيض؛ أي: يُكفِّر (٤) بعضَ سيئاتكم بهذه الصدقات.

والآيةُ ردٌّ على المعتزلة؛ فإنَّهم يقولون: الصغائرُ تقع مغفورةً، فلا حاجةَ إلى تكفيرها بشيءٍ، والكبائر لا تجوز مغفرتُها، واللَّهُ عزَّ وعلا أخبر أنَّ الصدقاتِ تُكفِّر بعضَ السيئات، فإنْ كانت تُكفِّر الصغائرَ فقد بطَل قولُهم: إنَّ الصغائرَ لا يحتاج فيها إلى التكفير، وإنْ كانت تُكفِّر الكبائرَ فقد بطَل (٥) قولهم: إنَّه لا يجوزُ غفرانُ الكبائر.


(١) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢٠٩).
(٢) في (ر) و (ف): "ونحن نكفر".
(٣) انظر: "السبعة" (ص: ١٩١)، و"التيسير" (ص: ٨٤).
(٤) في (ف): "نكفر".
(٥) في (أ) و (ر): "أبطل" في الموضعين.