للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الشياطين والجِنِّ، ولذلك سُمِّي مجنونًا، وهو بتسليط (١) اللَّه تعالى إيَّاهم على الناس، كما يُسلِّط عليهم بعضَ الدوابِّ والسِّباع، وله أنْ يفعل في مُلكه ما يشاء؛ أي: لا يقوم آخذُ الربا في القيامة إلَّا كالذي ضربه الشيطانُ فخَبَله فصار كالمصروع، فهو يقوم ويَسقط ليس كسائر الناس، فإنَّهم يقومون (٢) مِن الأجداث سِراعًا، وهذه عقوبةٌ لهم يُعرَفون بها يومئذٍ، وقد ثَقَّل بطونهم ما أكلنَ (٣) الرِّبا.

وقيل: ينتفخ بطنُه يومئذٍ (٤).

وقيل: أي: يُملأ جوفُه حيَّاتٍ وعقاربَ ونيرانًا (٥).

وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}: أي: هذا العقابُ لهم في الآخرة باستحلالهم الربا وتمثيلِهم إيَّاه بالبيع قياسًا فاسدًا على معارضةِ ورودِ الشرع بخلافه.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: هذه الآيةُ دليلُ جوازِ القياس في العقل؛ لأنَّه لو لم يكن في العقل جوازُه لم يكن لقولهم هذا معنًى، لكن وقعَ قياسهم فاسدًا لِمَا قلنا، وفيها دليل أنَّ حرمةَ الرِّبا كانت ظاهرةً عندهم، وكانت هي فيما بينهم كهي فيما بين المسلمين، ولذلك (٦) قال أبو حنيفة رحمه اللَّه: لا يجوز الرِّبا فيما بين أهل الإسلامِ وأهل الذِّمَّة (٧).


(١) في (أ): "تسليط".
(٢) في (أ) و (ف): "لأنهم يخرجون"، بدل: "فإنهم يقومون".
(٣) في (أ): "ما أكلوه" وفي (ر): "من أكل".
(٤) "وقيل ينتفخ بطنه يومئذ": من (أ).
(٥) في (ف): "ونيران"، وليست في (ر).
(٦) في (أ): "فلذلك".
(٧) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٦٩ - ٢٧٠).