للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عيالي إنْ أنتما أخذتُما حقَّكما كلَّه، فهل لكما أنْ تأخذا النصف وتُؤخِّرا النصف، وأُضْعِفَ (١) لكما، ففعَلا، حتى إذا حلَّ ذلك الأجلُ، سألهما التأخيرَ ويُضْعِفُ لهما، فبلغ ذلك النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فنزلت هذه الآيةُ، فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوسَ أموالهما (٢).

وقال مقاتل رحمه اللَّه: نزلت الآيةُ في أربعةِ إخوةٍ: مسعودٍ وحبيبٍ وربيعةَ وعبدِ ياليلَ، وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي؛ كانوا يداينون بني المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم، وكانوا يُربُون، فلمَّا ظهر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على الطائف اشترطت ثَقيف أنَّ كلَّ ربًا لهم على الناس فهو لهم، وكلَّ ربًا عليهم للناس فهو موضوعٌ عنهم، وطلبوا (٣) رباهم إلى بني المغيرة، فاختصموا إلى عتَّاب بنِ أَسيد بن أبي العَيص بن أميَّة رضي اللَّه عنه، وكان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- استعمله على مكَّة، فقالوا بنو المغيرة: ما لَنا جُعلنا أَشقى الناسِ بالرِّبا وقد وضعه اللَّهُ عن الناس؟! فقالت ثقيف: إنَّا صالحنا على أنَّ لنا رِبانا، فكتب عتَّابُ بنُ أَسيد إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالمدينة بقصَّة الفريقين، فأَنزل اللَّهُ تعالى هذه الآيةَ، فبعث النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بها إلى عتَّاب بنِ أسيد بمكَّة، فبعث عتَّاب رضي اللَّه عنه بها إلى بني عمرو بنِ عمير بنِ عوف، فقالوا: بل نتوبُ إلى اللَّه تعالى ونَذَرُ ما بقيَ مِن الرِّبا، فإنه لا يَدَانِ لنا بحرب اللَّهِ ورسولِه، فطلبوا رؤوسَ أموالهم إلى بني المغيرة، فاشتكوا العُسرة، فأَنزل اللَّهُ جلَّ جلاله: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (٤).


(١) في (ف): "وأضيف".
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٢٨٤)، و"أسباب النزول" للواحدي (ص: ٩٣).
(٣) في (أ) و (ف): "فطلبوا".
(٤) انظر: "تفسير الثعلبي" (٢/ ٢٨٤ - ٢٨٥)، ورواه عن مقاتل ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٢/ ٥٤٨ - ٥٤٩)، ورواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٥٠) عن ابن جريج. ورواه الواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٩٣ - ٩٤) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. والكلبي متروك.