للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ}: أي: إنظارٌ وإمهالٌ، ورفعُه بطريقين: فعليكم نَظِرةٌ له، أو: فله نَظِرةٌ؛ أي: فأَنظِروه.

وقوله تعالى: {إِلَى مَيْسَرَةٍ}: أي: إلى يسارٍ وغنًى.

وقوله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} (أنْ) مع الفعل مصدرٌ؛ أي: وتصدُّقُكم بكلِّ المالِ عليه إذا عجز عن إدائه (١) خيرٌ لكم؛ فإنَّه في الدنيا فانٍ وثوابُه في الآخرة باقٍ.

{إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}: أي: تعملون بعلمكم (٢).

والآيةُ نزلت في دَيْن الرِّبا، ثم حكمُ كلِّ دَينٍ (٣) كذلك؛ لعموم اللفظ.

وقال الإمام أبو منصور رحمه اللَّه: دلَّت الآيةُ على جواز التصرُّف في البيع الفاسد؛ لأنَّه جعل لأرباب الأموالِ النظرةَ إلى ميسرةِ مَن عليه المالُ، ولو كان له أَخْذُه (٤) حيثما وجده بعدما تناولته الأيدي، أو كان له حقُّ تضمينِ مَن هو أغنى، لم يكن لإنظار المعسِر إلى وقت الميسَرة معنًى (٥).

وقال الإمام القشيريُّ رحمه اللَّه: هذا حكمُ اللَّه جلَّ جلالُه في حقِّ المفلِس فيما بيننا في الدنيا، فلا نظنُّه (٦) لا يرحمنا مع علمه بإعسارنا وعجزنا وإفلاسنا، وصدقِ افتقارنا إليه، وانقطاعِنا في العُقبى له (٧).


(١) في (ر): "إجرائه".
(٢) في (أ): "يعلمكم"، وفي (ر) و (ف): "تعلمون بعلمكم"، والصواب المثبت، قال ابن كمال باشا في "تفسيره" عند هذه الآية: (كُني بالعلم عن العمل؛ لأنَّه إذا كان نافعًا قلَّما يتخلَّف. . .).
(٣) في (ف): "الدين".
(٤) في (ر) و (ف): "أخذه أخذه"، وفي "التأويلات": (حق أخذه)، وهو موافق للمثبت.
(٥) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٣).
(٦) في (ف): "تظنه".
(٧) انظر: "لطائف الإشارات" (١/ ٢١٢).