للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي كلِّ هذه الكتب نفيُ كلِّ معبودٍ سوى اللَّهِ تعالى، وبطلانُ ما يقوله النصارى في عيسى. قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} (١) قيل: هو بيان القرآن.

وقيل: هو القرآن بعينه، وإنما أعاده بعدما قال في أوله: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} لأنه سمَّاه باسمين، وكلُّ اسمٍ يدل على معنًى؛ فالأول يدل على أنه مجموعٌ لأن الكتابة هي الجمع، والفرقانُ يدل على أنه فارِق بين الحق والباطل، فكان كذِكْرِ صفتين فلم يكن تكرارًا.

والجواب الأوضح: أنه ذَكر في أول الآية التنزيلَ على التفعيل، وذلك يَدلُّ على التكرير، وهو إخبارٌ (٢) عن تنزيله شيئًا بعد شيءٍ في مدَّةِ عُمره، وذَكر في آخِر الآية الإنزالَ، وهو الإنزالُ أولَ (٣) مرَّةٍ، وأراد به من اللوح إلى السماء الدنيا جملةً في ليلةِ القدر في شهرِ رمضان، فهو إخبارٌ عن شيئين، ولذلك قال في التوراة والإنجيل: {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} ولم يقل: نَزَّلَ؛ لأنَّهما أُنزلا جملةً، وذكَر في القرآن مرَّةً تنزيلًا لتفصيل (٤) تنزيله في طولِ المدة، وذكَر الإنزال مرةً لإنزاله من اللوح إلى السماء جملةً.

وقيل: الفرقان: المخرِج من الشبهات، قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩]، وهو يكون صفةً للتوراة والإنجيل والقرآن (٥) جميعًا فقد ذكرها قبله.

وقيل: الفرقان نصرُ الأنبياء، وأراد به في حقِّ الكل.


(١) في (ف): "وإنزال القرآن" بدل: "قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} ".
(٢) في (ر): "إخباره".
(٣) في (١): "والإنزال" بدل: "وهو الإنزال أول".
(٤) في (ف): "تنزيل التفصيل"، وفي (ر): "تنزيلًا للتفصيل".
(٥) في (أ) و (ف): "والفرقان".