للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اشتبه الأمرُ عليهم فجعلوا الدلائلَ التي دلَّت على نبوَّته دلالةً لربوبيَّته (١)، وما فعلوا ذلك إلَّا ابتغاء الكفر وابتغاء إيقاع الفتنة بين المؤمنين.

وقيل: الآياتُ المحكمةُ كقوله (٢): {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [آل عمران: ٢] {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: ٣] {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ} [آل عمران: ٥] {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران: ٦]. والمتشابهات كقوله: {الم} {المر} {المص} {الر}.

وقيل: المُحكَم ما لا يحتمِل إلَّا وجهًا واحدًا، والتحكيمُ والإحكامُ: المَنع، والحَكَمةُ مانعةٌ للفرس مِن (٣) الجماح، فالمحكَم: ما يمتنع (٤) على مَن أراد صرفَه إلى غير مراده، والمتشابهُ ما يحتمِل وجوهًا، وهو مِن الشِّبْه، وهو المِثْل؛ أي: يشبهُ (٥) هذا بوجهٍ وهذا بوجه.

وقيل: المُحكَم: ما دلَّ على صفات اللَّهِ تعالى؛ مِن علمه وقدرته وسمعه وبصرِه وسائرِ صفاته، وأمَّا المتشابه: فما لا بدَّ فيه مِن أنْ (٦) يُصرَف عن ظاهره إلى وجهٍ مِن وجوه التأويل فيه، كقوله تعالى: {فِي جَنْبِ اللَّهِ} [الزمر: ٥٦] و: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥] و: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤] ونحو ذلك.

وقال ابنُ كيسانَ: المحكَمات: هي التي حُججُها واضحةٌ لا حاجةَ لمن سمعها


(١) في (ر): "دلالة الربوبية".
(٢) في (ف): "قوله".
(٣) في (أ): "عن".
(٤) في (ر) و (ف): "يمنع".
(٥) في (ر): "إلى نسبة"، وفي (ف): "إلى تشبه"، بدل: "أي يشبه".
(٦) في (ر) و (ف): "فما لا بد له فيه أن".