للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لأصحابه: أفيكم غريبٌ؟ فإن قالوا: نعم، سكت فلم يُحَدِّث، وإنْ قالوا: لا، أَقْبَل يُحدِّثهم، وإنَّه صلَّى الفجر يومًا، فلمَّا انصرف قال لأصحابه: أفيكم غريبٌ؟ قالوا: نعم، فسكت، فقال الغريب: يَرحمك اللَّهُ! إنِّي جئتك مسترشدًا، إنِّي رجلٌ دخلت في جميع هذه الأهواء، فلم أَدخل في هوًى منها إلَّا القرآن يُدخلني فيه، ولم أخرج مِن هوًى منها إلَّا القرآن يُخرجني منه، حتى بقيتُ ليس في يدي شيءٌ، فقال له: واللَّهِ الذي لا إله إلَّا هو لقد جئتَ مسترشدًا!

فقال: واللَّهِ الذي لا إله إلَّا هو لقد جئتُ مسترشدًا، فقال: أرأيتَ (١) ما اختلفوا فيه؛ هل اختلفوا في أنَّ اللَّهَ واحدٌ؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في أنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّه؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في أنَّ القرآنَ كتابُ اللَّه؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الصلوات الخمس (٢) أنَّها خمسٌ؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في رمضان أنَّه شهرُهم الذي يصومونه؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الحجِّ أنَّه بيتُ اللَّهِ الذي يحجُّونه؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الزكاة أنَّها مِن مئتي درهم خمسةُ دراهم؟ قال: لا، قال: فهل اختلفوا في الغُسْل مِن الجنابة؟ قال: لا.

قال (٣): فذَكر له هذا وأشباهَه، قال: ثم قال: اقرأ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} الآيةَ، فالمحكَم ما اجتمعوا عليه، والمتشابِهُ ما اختلفوا فيه، فشُدَّ يديك بالمحكَم، وإيَّاك إيَّاك (٤) والمتشابهَ.

قال: فقال الرجلُ: الحمد للَّه الذي أرشدني على يديك، فواللَّهِ لقد جئتُك وإنِّي


(١) في (أ): "أو اللَّه" بدل: "واللَّه الذي لا إله إلا هو لقد جئتُ مسترشدًا فقال: أرأيت".
(٢) "الخمس" لم يرد في (أ).
(٣) "قال" لم يرد في (أ).
(٤) "إياك": من (أ).