للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ}: أي (١): اليهود كفروا بمحمَّدٍ والقرآنِ وعيسى والإنجيلِ، وخالفوا التوراةَ أيضًا.

وقوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ}: أي: زكريا ويحيى وغيرَهما.

وقوله تعالى: {بِغَيْرِ حَقٍّ}: وقال في سورة البقرة: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: ٦١]؛ أي: بغير الحقِّ الذي حدَّه اللَّهُ وأَذن فيه، والنكرة هاهنا على معنى أنَّ القتلَ يكون بوجوهٍ مِن الحقِّ، فمعناه: يقتلون بغير حقٍّ مِن تلك الحقوق.

وذِكْر الكفر والقتل مِن هؤلاء على صيغة المستقبل هو إثباتُ هذه الصفة لهم في الحال، وما كانوا يقتلون للحال، لكن كانوا يتولَّون الآباء الذين فعلوا ذلك، فذُمُّوا به.

وقوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ}: أي: وقتلوا أيضًا المؤمنين بالأنبياء وأَتباعِهم الذين أَمروهم بالمعروف، وهذا ذمٌّ لهم بالقتل، وبعصيانهم مَن ينهاهم عن القتل، وبقتل الذين أَمروهم بالمعروف.

وقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}: أي: اجعل لهم بدلَ البشارةِ -وهي الخبرُ السَّارُّ- الإخبارَ بالنَّارِ، وهو كقولِ القائلِ:

تحيةُ بينِهم ضربٌ وَجِيعُ (٢)

وروى أبو عبيدة بنُ الجرَّاح رضي اللَّه عنه قال: قلت: يا رسولَ اللَّه، أيُّ الناسِ أشدُّ عذابًا يوم القيامة؟ قال: "رجلٌ قَتل نبيًّا، أو رجلًا أَمر بمعروفٍ ونهى عن منكرٍ"، ثم قرأ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ


(١) في (ف): "هم".
(٢) عجز بيت لعمرو بن معدي كرب، كما في "النوادر" لأبي زيد (ص: ١٥٠)، و"الكتاب" لسيبويه (٢/ ٣٢٣)، وهو كثير الدوران في التفاسير والحواشي التي تعنى بالمعاني كـ "الكشاف" و"المحرر الوجيز" و"البحر"، و"فتوح الغيب" و"نواهد الأبكار" و"حاشية الشهاب"، و"روح المعاني"، وصدره:
وخيلٍ قد دلفتُ لها بخيل