للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الكلبيُّ: فَجَرَ رجلٌ وامرأةٌ مِن أهل خَيْبر، وكانا في شرفٍ منهم، وكان في كتابهم الرَّجْمُ، فأَتَوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رجاءَ رخصةٍ عنده، فحَكَم بالرَّجْم عليهم، فقالوا: جُرْتَ علينا، ليس عليهم الرجمُ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "بيني وبينكم التوراة"، فقالوا: قد أَنْصفْتَنا، قال: "فمَن أَعلمُكم بالتوراة"؟ قالوا: ابنُ صُوريا، فأَرسلوا إليه، فدعا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بشيءٍ مِن التوراة فيها الرجمُ، دلَّه على ذلك عبد اللَّه بنُ سلام، فقال له: "اقرأ" فقرأ، فلمَّا أتى على آيةِ الرَّجمِ وضع كفَّه عليها، وقام ابنُ سلام فرفع إصبعَه عنها، ثم قرأها على رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأَمر النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- برَجْمهما، فغضبت اليهودُ لذلك، ورجعوا كفارًا، فأنزل اللَّهُ تعالى هذه الآية: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} أي: أُعطوا حظًّا مِن التوراة (١).

وقوله تعالى: {يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ}: أي: التوراة، وقيل: القرآن؛ لأنَّه مُصدِّقٌ للتوراة.

وقوله تعالى: {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُم}: أي: ليقضي، وفي الكتاب بيانُ الحكم، فأُضيف الحكم إليه، كما في صفة القرآن: {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [البقرة: ١١٩] لأنَّ فيه بيانَ التبشير والإنذار.

وقوله تعالى: {ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ}: أي: يُعرِض عن الداعي طائفةٌ منهم، ولم يَصِفْ به الكُلَّ؛ لأنَّه قال في هذه السورة: {مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ} [آل عمران: ١١٣] وقال تعالى: {أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٥٩].

وقوله تعالى: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ}: أي: عما دُعوا إليه، فلم يكن تكرارٌ.

وقيل: يُدعَون جميعًا ويتولَّى فريقٌ منهم، وهم رؤساؤهم، وقوله: {وَهُمْ مُعْرِضُونَ} أي: الأتباع (٢) تقليدًا.


= محمد مولى زيد بن ثابت وهو مجهول كما في "التقريب".
(١) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٣٨).
(٢) في (ف): "للاتباع".