للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٣٢) - {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ}.

وقوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}: ولمَّا نزلت الآيةُ الأُولى، قال عبد اللَّه بنُ أُبَيٍّ ابنُ سلولَ المنافقُ -لعنه اللَّهُ- لأصحابه: إنَّ محمَّدًا يَأمرنا أنْ نحبَّه كما أَحبَّت النصارى عيسى ابنَ مريم، ويَأمرنا أنْ نطيعَه كطاعة اللَّه -تعالى-، فنزل قوله: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} (١)؛ أي: أطيعوا اللَّهَ فيما أمرَ، والرسولَ فيما بيَّن.

وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} (٢): أي: فإنْ أَعرضوا عن القَبول فقد كفروا، {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (٣): وهو أبلغُ مِن أنْ يُقال: يُبغض الكافرين؛ لأنَّه نفيٌ مِن كلِّ وجهٍ، والإثبات يدلُّ على وجهٍ.

* * *

(٣٣) - {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ}.

وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ}: قال الكلبيُّ: لمَّا نزل قولُه (٤): {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} قالت اليهودُ: يا محمَّد، نحن أبناءُ إبراهيم (٥) وإسحاق ويعقوب، ونحن على دينهم، فمدح اللَّهُ تعالى إبراهيمَ وأولادَه، وكذَّب اليهودَ في دعواهم، فقال: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ} (٦)؛ أي: اختاره بالرِّسالة إلى الملائكة والجنِّ والإنس وهم أولاده.


(١) انظر: "تفسير البغوي" (١/ ٢٩٣).
(٢) في (ر) و (ف): " {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ} ".
(٣) في (ر) و (ف): "واللَّه" بدل: " {فَإِنَّ اللَّهَ} ".
(٤) في (ف): "لما نزلت".
(٥) بعدها في (ر): "وإسماعيل"، وهو خطأ.
(٦) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٥٢) عن ابن عباس. ولعله من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.