للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأحبارُ: لو تُركَت لأحقِّ الناسِ بها تُركَت لأمِّها (١) التي ولدَتْها، ولكنَّا نَقترع عليها بأقلامنا فتكون عند مَن خرج سهمُه.

وكان زكريا والأحبارُ في بيت المقدس (٢) يَكتبون العلمَ المدرَّس (٣) التوراةَ والزبور، فأخذوا أقلامَهم التي يكتبون بها، وكانوا سبعةً وعشرين رجلًا، فانطلقوا بها إلى نهرٍ جارٍ، فقالوا: نَطرحُ أقلامَنا هذه على الجِرْية؛ فمَن صعد قلمُه إلى أعلى الجِرية فهو أحقُّ بها، ومن تسفَّل قلمُه مع الجِرية فهو المقروع (٤)، قالوا: نعم، ثم رَمَوا مع الجِرية، فسفلت (٥) أقلامُهم جميعًا مع الجِرية، وصعد قلمُ زكريَّا صلوات اللَّه عليه، فقرَعهم جميعًا وضمَّها إليه واستَرضَع لها (٦).

وقال عطاء: الأقلامُ: القداحُ، دون أقلامِ الكتابة.

وقيل: كانت مِن حديد، ومَشَت على وجه الماء صُعدًا.


(١) في (ف): "على أمها".
(٢) في (أ): "المدراس". والمثبت من با قي النسخ والمصادر.
(٣) "المدرس" من (ف).
(٤) في (ف): "فلا"، بدل: "فهو المقروع".
(٥) في (أ): "فتسفلت".
(٦) ذكره عن الكلبي ابن أبي زمنين في "تفسيره" (١/ ٢٨٦)، ورواه ابن عساكر في "تاريخه" (٧٠/ ٧٨ - ٧٩) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وفي إسناده إسحاق بن بشر وهو متروك. ورواه البيهقي في "السنن" (١٠/ ٢٨٦ - ٢٨٧)، من طريق السدي عن أشياخه عن ابن مسعود وابن عباس وناس من الصحابة، وهذا إسناد فيه مقال قد ذكرناه في أوائل هذا التفسير. ورواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٣٤٩) عن السدي، وانظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٥٦) وعزاه للمفسرين، و"تفسير البغوي" (١/ ٢٩٦) وعزاه لأهل الأخبار. وعلق البخاري قبل الحديث (٢٦٨٦) بصيغة الجزم عن ابن عباس: اقترَعوا فجَرَت الأقلامُ مع الجِرْيَةِ، وعال قلمُ زكريَّاءَ الجِرْيَةَ، فكَفَلها زكريَّاءُ.