للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عطاء: كان دعاؤه قبل بشارته بأربعين سنةً، فلذلك نسيَ ما سأل ربَّه حتى قال ما قال.

وقال سفيان بنُ عيينة: حبس اللَّهُ تعالى عن زكريا عليه السلام حاجتَه ستِّين سنةً ثم بشَّره.

وقال الكلبيُّ قوله: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} هذا خطابٌ منه لجبريل عليه السَّلام، ومعناه: يا سيِّدي (١).

وقال عامة المفسرين وهو الصحيح: هذا خطابٌ منه للَّه تعالى ومناجاةٌ معه؛ لأن جبريل عليه الصلاة والسلام بشَّره من اللَّه تعالى، فخاطب به اللَّه تعالى؛ أي (٢): دعا اللَّهَ الولدَ فاستجابَ له؛ فأصلحَ (٣) له عقرَ امرأتِه فحملَتْ بيحيى، ولم يكن زكريَّا يعرف ذلك، وكان هو الذي يفتح باب المذبَح، ويقرِّب القُربان، ولا يدخلون حتى يأذنَ لهم، فبينما هو قائمٌ ذات يومٍ عند المذبَح يصلِّي والناس ينتظرونه أن يأذنَ لهم، وهو قائمٌ يصلِّي في المحراب، إذا (٤) هو برجلٍ عليه ثيابٌ بيضٌ، وهو جبريل، فناداه أنَّ اللَّه يبشِّرُك بولدٍ اسمه يحيى.

وهذه الرِّواية تدلُّ على أن البِشارةَ كانت بعدَ العلوق.

وقيل: بل كانت قبلَه؛ فإنه لمَّا سأل الآيةَ قيل له: آيةُ كونه ألَّا تكلِّم الناس ثلاثًا،


(١) انظر: "تفسير أبي الليث" (١/ ٢٣٦)، و"تفسير الثعلبي" (٣/ ٦٥)، و"البسيط" للواحدي (٥/ ٢٣٣)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٣٥).
(٢) "أي": من (أ)، وفي (ف): "و".
(٣) في (ف): "وأصلح".
(٤) في (ف): "إذ".