للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان ذلك (١) ليتعجَّلَ السُّرورَ والغِبطة، وليشتغل بزيادة الشُّكر على هذه الموهبة، وليزيد (٢) في وظائف العبادة عند ظهور الزِّيادة في النِّعمة.

وقال الإمام أبو منصورٍ رحمه اللَّه: يحتمل أنَّ سؤالَ الآية كان لأنَّه خفيَ عليه أن الذي ناداه مَلَكٌ أو غيره؟ وقد يخفى على بعض الأنبياء حالُ بعض الملائكة في بعض الأحوال، كما خفيَ على لوطٍ حتى قال: {إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الحجر: ٦٢]، وخفيَ على إبراهيم حتى جاء بعجلٍ حنيذ، {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً} [هود: ٧٠]، فلذلك (٣) قال ما قال (٤).

قوله تعالى: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا}؛ أي: علامةُ حدوثِ الولدِ أنَّك لا تستطيع أن تكلِّم الناس ثلاثةَ أيَّامٍ ولياليها، من غير خَرَسٍ ولا آفةٍ أخرى (٥)، فإنه بقي قادرًا على التكلُّمِ بالذِّكر والتَّسبيح، بدليل أنه أُمِرَ بذلك في هذه الآية، ولأنه قال في سورة مريم: {سَوِيًّا} [مريم: ١٠]؛ أي: سليمَ الأعضاء، يقول: لا تُمْنَعْ عن خطابي لأنِّي لا أمنع أوليائي عن (٦) مناجاتي (٧).

وما قال مقاتلٌ وقتادةُ والرَّبيعُ بن أنس: إنَّ ذلك كان عقوبةً له؛ حيث سألَ الآيةَ بعد البشارةِ (٨) = فذلك باطلٌ، ولا يليق بحال الأنبياء، ولم يكن سؤالُه جنايةً، ولا


(١) في (ف): "وذلك" بدل: "وكان ذلك".
(٢) في (ف): "وليزداد".
(٣) في (أ) و (ف): "فكذلك".
(٤) انظر: "تأويلات أهل السنة" (٢/ ٣٦٥).
(٥) "أخرى" ليس في (ف).
(٦) في (أ): "من".
(٧) انظر: "تفسير القشيري" (١/ ٢٤١).
(٨) رواه الطبري في "تفسيره" (٥/ ٢٨٦) عن قتادة والربيع.